يُبايِعُونَ اللَّهَ) [الفتح: ١٠]. (وَلا تَنْقُضُوا) أيمان البيعة (بَعْدَ تَوْكِيدِها) أي: بعد توثيقها باسم الله. وأكد ووكد: لغتان فصيحتان، والأصل الواو، والهمزة بدل. (كَفِيلًا): شاهداً ورقيباً؛ لأن الكفيل مراع لحال المكفول به مهيمن عليه. (وَلا تَكُونُوا) في نقض الأيمان كالمرأة التي أنحت على غزلها بعد أَن أحكمته وأبرمته فجعلته (أَنْكاثاً) جمع نكث؛ وهو ما ينكث فتله. قيل: هي ريطة بنت سعد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ) في قريش يعني: أوفوا بما عاهدتم الله، ولاتنقضوه مخافة الأعداء من قريش، وتوفر عددهم وعُددهم، وإنما جعلكم مستضعفين، وأعداءكم أقوياء، ليتميز الثابت منكم والناكص على عقبيه، وإليه أشار بقوله: (إِنَّمَا يَبْلُوكُمْ اللَّهُ بِهِ)، وقوله: (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ): عطفٌ من حيث المعنى على قوله: (إِنَّ اللَّهَ يَامُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ)، الآية، عطف الخاص على العام اهتماماً بوفاء العهد والثبات عليه، ولذلك عقبه بالتمثيلين، وجيء بقوله: (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً) اعتراضاً بين المعطوف والمعطوف عليه.
قوله: ((بَعْدَ تَوْكِيدِهَا)، أي: بعد توثيقها)، الراغب: وكدتُ القول والعهد وأكدته بمعنى أحكمته. والسير الذي يُشد به القربوس يُسمى التأكيد، ولا يقال: توكيدٌ، قال الخليل: "أكدتُ في عقد الأيمان" أجود، و"وكدتُ في القول" أجود، تقول: إذا عقدت فأد، وإذا حلفت فوكد. ووكد وكده: إذا قصد قصده وتخلق بخلُقِه.
قوله: (أنحت على غزلها)، الأساس: أنحى عليه بالسوط: أقبل عليه.
قوله: ((أَنكَاثاً): جمع نكث)، الأساس: نكث الحبل، ومن المجاز: نكث العهد والبيعة. الراغب: نكث الأكسية والغزل قريب من النقص، واستعير لنقض العهد، والنكث كالنقض، والنكيثة كالنقيضة، وكل خصلةٍ ينكث فيها القوم، يقال لها: نكيثة.
قال أبو البقاء: (أَنكَاثاً): جمعُ نكث، بمعنى: المنكوث، أي: المنقوض، ونُصبَ


الصفحة التالية
Icon