والإنجيل، فكان رسول الله ﷺ إذا مرّ وقف عليهما يسمع ما يقرآان، فقالوا: يعلمانه، فقيل لأحدهما، فقال: بل هو يعلمني. وقيل: هو سلمان الفارسي. واللسان: اللغة. ويقال: ألحد القبر ولحده، وهو ملحد وملحود، إذا أمال حفره عن الاستقامة، فحفر في شق منه، ثم استعير لكل إمالة عن استقامة، فقالوا:
ألحد فلان في قول، وألحد في دينه. ومنه الملحد، لأنه أمال مذهبه عن الأديان كلها، لم يمله عن دين إلى دين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (فقيل لأحدهما)، يعني: قيل لأحد هذين العبدين: أتعلمه أنت؟ فقال: بل هو يعلمني. وقيل: هذا المجيب هو سلمان الفارسي، وهو غير صحيح؛ لأن سلمان أتى النبي ﷺ بالمدينة، والآية مكية.
قوله: (ثم استعير لكل إمالة عن استقامة)، الراغب: الإلحاد ضربان: إلحاد إلى الشرك بالله، وإلحاد إلى الشرك بالأسباب، فالأول ينافي الإيمان ويبطله، والثاني يوهن عُراه ولا يبطله، وقال: (الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ) والإلحاد في أسمائه على وجهين، أحدهما: أن يوصف بما لا يصح وصفه به، والثاني: أن يتأول أوصافه بما لا يليق به.
قوله: (ومنه الملحد؛ لأنه أمال مذهبه عن الأديان كلها). قال الشهرستاني في كتاب "الملل والنحل": "وفرق الباطنية أوردهم أصحاب التصانيف في كتب المقالات إما خارجة عن الفرق وإما داخلة فيها، وبالجملة هم قوم مخالفون، اثنين وسبعون فرقة، ثم إن الباطنية القديمة خلطوا كلامهم ببعض كلام الفلاسفة وصنفوا كتبهم على ذلك المنهاج، وسموا باطنية لأنهم يقولون: لكل ظاهر باطن، ولكل تنزيل تأويل، ولهم ألقاب كثيرة، فبالعراق: يسمون الباطنية والقرامطة والمزدكية، وبخراسان: التعليمية والملحدة، وهم يقولون: نحن إسماعيلية؛ لأنا تميزنا عن فرق الشيعة بهذا الاسم وبهذا الشخص، وقال: الإسماعيلية امتازت عن الموسوية والاثني عشرية بإثبات الإمامية لإسماعيل بن جعفر، وهو ابنه الكبر المنصوص عليه في بدء الأمر".


الصفحة التالية
Icon