قريش في زعمهم أنهم على ملة أبيهم إبراهيم. (شاكِراً لِأَنْعُمِه) روى: أنه كان لا يتغدّى إلا مع ضيف، فلم يجد ذات يوم ضيفاً، فأخر غداءه، فإذا هو بفوج من الملائكة في صورة البشر، فدعاهم إلى الطعام فخيلوا له أنّ بهم جذاماً؟ فقال: الآن وجبت مواكلتكم شكراً لله على أنه عافاني وابتلاكم (اجْتَباهُ): اختصه واصطفاه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قرآن وتسبيح"، وعلى هذا سُل: أي الصلاة أفضل؟ فقال: "طول القنوت"، أي: الاشتغال بالعبادة ورفض كل ما سواه، وقال تعالى: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً).
قوله: (الآن وجبت مؤاكلتكم شُكراً لله تعالى)، يعني: إنما يصح الشكر في المؤاكلة إذا كان فيها التكلف والمشقة، ولا شك أن المؤاكلة مع المجذوم مما يتقزز منه الناس وتنفر منه النفس.
قوله: ((اجْتَبَاهُ): اختصه)، قال الراغب: جببت الماء في الحوض: جمعته، والاجتباء: الجمعُ على سبيل الاصطفاء، واجتباء العبد: تخصيصه إياه بفيض إلهي، يتحصل له منه أنواعٌ من النعم بلا سعي من العبد، وذلك للأنبياء ومن يقاربهم من الصديقين والشهداء، قال تعالى: (يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ) [الشورى: ١٣].


الصفحة التالية
Icon