[(وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ* وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ* إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ)].
سمي الفعل الأول باسم الثاني؛ للمزاوجة. والمعنى: إن صنع بكم صنيع سوء؛ من قتل أو نحوه، فقابلوه بمثله ولا تزيدوا عليه. وقرئ: وإن عقبتم فعقبوا، أى: وإن قفيتم بالانتصار فقفوا بمثل ما فعل بكم.
روى أن المشركين مثلوا بالمسلمين يوم أحد: بقروا بطونهم وقطعوا مذاكيرهم، ما تركوا أحداً غير ممثول به إلا حنظلة بن الراهب، فوقف رسول الله ﷺ على حمزة وقد مثل به، وروى: فرآه مبقور البطن،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (سُمي الفعل الأول)، أي: (فَعَاقِبُوا) باسم الثاني، وهو: (بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ)، وهو من باب المشاكلة، سماه المزاوجة لغة، وإنما المزاوجة: بين معنيين في الشرط والجزاء، كقول الشاعر:

إذا ما نهى الناهي فلج بي الهوى أصاخ إلى الواشي فلج به الهجر
قوله: (إن صُنع بكم صنيع سوء من قتل أو نحوه، فقابلوه بمثله)، قال القاضي: لما أمره ﷺ بالدعوة وبين له طرُقها، أشار إليه وإلى من يُتابعه بترك المخالفة، ومراعاة العدل مع من يناصبهم، فإن الدعوة لا تنفك عنه، من حيث إنها تتضمن رفع العادات وترك الشهوات، والقدح في دين الأسلاف، والحكم عليهم بالكفر والضلال.
قوله: (حنظلة بن الراهب)، وفي "الاستيعاب": هو حنلة بن أبي عامر، الراهب الأنصاري، أبوه: أبو عامر، يُعرف بالراهب في الجاهلية، قدم مع قريش يوم أحد محارباً، فسماه رسول الله ﷺ أبا عامر الفاسق، مات بالروم كافراً.


الصفحة التالية
Icon