يشتدون ذلك اليوم نحو الثنية، فقال قائل منهم: هذه والله الشمس قد شرقت، فقال آخر: وهذه والله العير قد أقبلت يقدمها جمل أورق كما قال محمد، ثم لم يؤمنوا وقالوا: ما هذا إلا سحر مبين، وقد عرج به إلى السماء في تلك الليلة، وكان العروج به من بيت المقدس وأخبر قريشًا أيضًا بما رأى في السماء من العجائب وأنه لقي الأنبياء وبلغ البيت المعمور وسدرة المنتهى.
واختلفوا في وقت الإسراء فقيل كان قبل الهجرة بسنة. وعن أنس والحسن أنه كان قبل البعث.
واختلف في أنه كان في اليقظة أم في المنام، فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «والله ما فقد جسد رسول الله ﷺ ولكن عرج بروحه» وعن معاوية: إنما عرج بروحه. وعن الحسن، كان في المنام رؤيا رآها. وأكثر الأقاويل بخلاف ذلك. والمسجد الأقصى: بيت المقدس، لأنه لم يكن حينئذ وراءه مسجد (بارَكْنا حَوْلَهُ) يريد: بركات
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وكان العروج به من بيت المقدس)، روى البخاري ومسلم عن أنس، أن رسول الله ﷺ قال: "قد أتيتُ بالبراق" إلى قوله: "فركبته حتى أتيت بيت المقدس" إلى قوله: "ثُم عُرج بنا إلى السماء" الحديث.
قوله: (وأكثر الأقاويل بخلاف ذلك)، وقال الشيخ محيي الدين النواوي في "شرح صحيح مسلم": قد لخص القاضي عياض رحمه الله في الإسراء جُملاً حسنةً نفيسةً، فقال: اختلف الناس في الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقيل: إنما كان جميع ذلك في المنام. والحق الذي عليه أكثر الناس ومعظمُ السلف وعامةُ المتأخرين من الفقهاء والمحدثين