الدين والدنيا، لأنه متعبد الأنبياء من وقت موسى ومهبط الوحي، وهو محفوف بالأنهار الجارية والأشجار المثمرة. وقرأ الحسن: (ليريه) بالياء، ولقد تصرف الكلام على لفظ الغائب والمتكلم؛ فقيل: (أسرى) ثم (باركنا) ليريه، على
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والمتكلمين، أنه أُسري بجسده صلى الله عليه وسلم، والآثار تدل عليه لمن طالعها، ولا يعدل عن ظواهرها إلا بدليل، ولا استحالة في حملها عليه، فيحتاج إلى تأويل.
وقال محي السنة في "المعالم": والأكثرون على أنه صلوات الله عليه أُسري بجسده في اليقظة، وتواترت الأخبار الصحيحة على ذلك.
وقلتُ: وروينا عن البخاري والترمذي، عن ابن عباس في قوله تعالى: (وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ) [الإسراء: ٦٠]، قال: هي رؤيا عينٍ أريها رسولُ الله ﷺ ليلة أُسري به إلى بيت المقدس.
وفي "مسند الإمام أحمد بن حنبل" عن ابن عباس رضي الله عنه، قال: شيء أريه النبي ﷺ في اليقظة، رآه بعينه حين ذُهب به إلى البيت، ولأنه قد أنكرته قريش وارتدت جماعة ممن كانوا أسلموا حين سمعوه، وإنما يُنكر إذا كان في اليقظة، فإن الرؤيا لا يُنكر منها ما هو أبعد من ذلك، على أن الحق أن المعراج مرتان، مرة بالنوم وأخرى باليقظة. قال محيي السنة: رُؤيا أراه الله تعالى قبل الوحي، بدليل قول من قال: فاستيقظ وهو في المسجد الحرام، ثم عُرج به في اليقظة بعد الوحي قبل الهجرة بسنةٍ تحقيقاً لرؤياه، كما أنه رأى فتح مكة في المنام سنة ست من الهجرة، ثم كان تحقيقه سنة ثمانٍ.