قراءة الحسن، ثم (من آياتنا)، ثم (إنه هو)، وهي طريقة الالتفات التي هي من طرق البلاغة (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ) لأقوال محمد (الْبَصِيرُ) بأفعاله، العالم بتهذبها وخلوصها، فيكرمه ويقرّبه على حسب ذلك.
[(وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كانَ عَبْدًا) شَكُورًا)].
(أَلَّا تَتَّخِذُوا) قرئ بالياء على: لئلا يتخذوا، وبالتاء على: أي لا تتخذوا، كقولك: كتبت إليه أن أفعل كذا، (وَكِيلًا): ربا تكلون إليه أموركم. (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا) نصب على الاختصاص. وقيل: على النداء فيمن قرأ: (ألا تتخذوا)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (هي من طُرق البلاغة)، وذلك أن قوله: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً) يدل على مسيره من عالم الشهادة إلى عالم الغيب، فهو بالغيبة أنسبُ، وقوله: (الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ) دل على إنزال البركات، وتعظيم شأن المُنزل، فهو بالحكاية على التفخيم أحرى، قوله: (لِيُرِيَهُ) بالياء: إعادةٌ إلى مقام السر والغيبوبة من هذا العالم، فالغيبة بها أليق، وقوله: (مِنْ آيَاتِنَا): عودٌ إلى التعظيم على ما سبق، وقوله: (إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)، أشار به إلى مقام اختصاصه بالمنح والزلفى وغيبة شُهوده فيعين "بي يسمع وبي يُبصر"، فالعود إلى الغيبة أولى.
قوله: ((أَلاَّ تَتَّخِذُوا) قرئ بالياء)، أبو عمرو، والباقون: بالتاء الفوقانية.
قال أبو البقاء: أما تقدير الياء التحتانية، فهو (وَجَعَلْنَاهُ هُدًى)؛ لئلا يتخذوا، أو: (وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ) لئلا يتخذوا، وأما تقدير التاء ففيه وجهان، أنّ "أن" بمعنى: أي، وهي مفسرة لما تضمنه الكتاب من الأمر والنهي، وثانيهما: أن "لا" زائدة، والتقدير: مخافة أن تتخذوان وقد رجع في هذا من الغيبة إلى الخطاب.


الصفحة التالية
Icon