فهم يعطون الجزية عن يد وهم صاغرون. وعن قتادة: ثم كان آخر ذلك أن بعث الله عليهم هذا الحيّ من العرب، فهم منهم في عذاب إلى يوم القيامة (حَصِيرًا) محبسا يقال للسجن محصر وحصير. وعن الحسن:
بساطا كما يبسط الحصير المرمول.
[(إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا* وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذابًا أَلِيمًا)].
(لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) للحالة التي هي أقوم الحالات وأسدّها. أو للملة. أو للطريقة. وأينما قدرت لم تجد مع الإثبات ذوق البلاغة الذي تجده مع الحذف، لما في إبهام الموصوف بحذفه من فخامة تفقد مع إيضاحه. وقرئ: ويبشر، بالتخفيف، فإن قلت: كيف ذكر المؤمنين الأبرار والكفار ولم يذكر الفسقة؟ قلت: كان الناس حينئذ إما مؤمن تقي، وإما مشرك، وإنما حدث أصحاب المنزلة بين المنزلتين بعد ذلك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قلت: استقامته من حيث إن هذه المذكورات كلها كانت مثبتة في التوراة مقضية عليهم، لقوله تعالى: (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ)، والكتاب: التوراة، كما نص عليه المصنف.
قوله: (المرمول)، الجوهري: رملتُ الحصير، أي: سففته، بمعنى نسجته، وأرملته: مثله.
قوله: (لما في إبهام الموصوف بحذفه من فخامة تفقد مع إيضاحه)، فإنك إذا أضربت عن ذكر إحدى هذه المقدرات صفحاً بقي اللفظ مجملاً يصلحُ أن يتناول كلاً منها وما شاكلها، فإذا قيدتها بواحدة منها اختص بها، فكأنك قلت: يهدي لما لا يدخل تحت الوصف والحصر مما ذُكر في الكتاب، ومما لم يُذكر، كقولك: جاء بعد اللتيا والتي.
قوله: ("ويبشر"، بالتخفيف): حمزة والكسائي.
قوله: (وإنما حدث أصحاب المنزلة بين المنزلتين بعد ذلك)، قيل: هذا من أبي حُذيفة


الصفحة التالية
Icon