منافعها بما نشاء لمن نريد، فقيد الأمر تقييدين، أحدهما: تقييد المعجل بمشيئته. والثاني: تقييد المعجل له بإرادته، وهكذا الحال: ترى كثيرا من هؤلاء يتمنون ما يتمنون ولا يعطون إلا بعضًا منه، وكثيرا منهم يتمنون ذلك البعض وقد حرموه، فاجتمع عليهم فقر الدنيا وفقر الآخرة، وأمّا المؤمن التقى فقد اختار مراده وهو غنى الآخرة، فما يبالى: أوتى حظا من الدنيا أو لم يؤت فإن أوتى فيها وإلا فربما كان الفقر خيرا له وأعون على مراده. وقوله (لِمَنْ نُرِيدُ) بدل من (له)، وهو بدل البعض من الكل، لأن الضمير يرجع إلى «من» وهو في معنى الكثرة. وقرئ: (يشاء). وقيل: الضمير لله تعالى، فلا فرق إذًا بين القراءتين في المعنى ويجوز أن يكون للعبد، على أنّ للعبد ما يشاء من الدنيا، وأن ذلك لواحد من الدهماء يريد به الله ذلك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (فإن أوبي فبها)، النهاية: وفي الحديث: "من توضأ للجمعة فبها"، والباء متعلقة بفعل مضمر، أي: فبهذه الخصلة والفعلة يعني الوضوء، ينالُ الفضل.
قوله: (لأن الضمير يرجع إلى "مَن")، أي: الضمير والمجرور في قوله: يرجعُ إلى (مَن) في قوله: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ) ن وهو يقتضي العموم لأن مريدي العاجلة لا حصر فيهم. وأما المعجل له فمحصورون.
قوله: (فلا فرق إذن بين القراءتين)، أي: قراءة "يشاءُ" بالياء، والضمير لله، والقراءة المشهورة بالنون في كون المشيئة لله تعالى، فدل النون على التعظيم، والياء على التجريد، كأنه قيل: (عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ) من له المشيئة المطلقة وبيده أزمة كل الأمور يفعلُ بمشيئته ما أراد، لا يمنعه مانعٌ.
قوله: (الدهماء)، الجوهري: الدهم: العدد الكثير، ودهماء الناس: جماعتهم.
قوله: (يريد به الله)، ذلك الضمير للعبد، والمشار إليه ما يشاء من الدنيا، والجملة صفة لـ "واحد".