وصهيب، فشق على أبي سفيان، فقال سهيل بن عمرو: إنما أُتينا من قبلنا، إنهم دعوا ودعينا يعنى إلى الإسلام، فأسرعوا وأبطأنا، وهذا باب عمر، فكيف التفاوت في الآخرة، ولئن حسدتموهم على باب عمر لما أعدّ الله لهم في الجنة أكثر. وقرئ: (وأكثر تفضيلاً). وعن بعضهم: أيها المباهي بالرفع منك في مجالس الدنيا، أما ترغب في المباهاة بالرفع في مجالس الآخرة وهي أكبر وأفضل؟ !
[(لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا)].
(فَتَقْعُدَ) من قولهم شحذ الشفرة حتى قعدت، كأنها حربة بمعنى صارت،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وروى ابن عبد البر في "الاستيعاب"، عن الحسن: حضر جماعة من الناس بباب عمر رضي الله عنه، وفيهم سُهيل بن عمرو القرشي، وكان أحد الأشراف في الجاهلية، وأبوسفيان بن حرب وأولئك الشيوخ من قريش، فأذن لصهيب وبلال وأهل بدر، وكان يحبهم، وكان قد أوصى بهم، فقال أبو سفيان: ما رأيت كاليوم قط! إنه ليؤذن لهؤلاء العبيد ونحن جلوس لا يلتفت إلينا، فقال سهيل، وكان أعقلهم: أيها القوم، إني والله قد أرى الذي في وجوهكم، فإن كنتم غضاباً فاغضبوا على أنفسكم، دُعي القوم ودعيتم، فأسرعوا وأبطأتم، أما والله لما سبقوكم به من الفضل أشد عليكم فوتاً من بابكم هذا الذي تنافسون عليه.
وروى أيضاً: أن الحارث بن هشام وسهيلاً هذا دخلا على عمر رضي الله عنه فجلسا وهو بينهما، فجعل المهاجرون الأولون يأتون فيقول: هاهنا يا سهيل، هاهنا يا حارث، فينحيهما عنه، وجعل الأنصار يأتون فينحيهما حتى صارا في آخر الناس، فلما خرجا قال الحارث لسهيل: ألم تر ما صنع بنا؟ فقال سهيل: إن الرجل لا لوم عليه، ينبغي أن نرجع باللوم على أنفسنا، دُعي القوم فاسرعوا ودُعينا فأبطأنا، تمامه ذُكر في سورة التوبة.


الصفحة التالية
Icon