فلما قيل: (أحدهما أو كلاهما)، علم أنّ التوكيد غير مراد، فكان بدلاً مثل الأول (أُفٍّ) صوت يدل على تضجر. وقرئ: (أُفٍّ)، بالحركات الثلاث منونًا وغير
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقلت: كلام المصنف مبني على أن (كِلاهُمَا) عطفٌ على "أحدهما"، لا على التقديرين، فإنه يعود إلى عطف الجملة على الجملة، والمقصود أحد الأمرين لإفادة الشمول والإحاطة في أحدهما دون الآخر. وأيضاً، لو كان أريد الشمول لم يقل: أحدهما، لكونه منافياً للشمول والإحاطة، فنه لدفع التجوز في إرادة الوحدة.
وقال صاحب "الفرائد": لما كان (أَحَدُهُمَا) لم يصلح أن يكون توكيداً للتثنية وهو ضمير "يبلغان"، وجب أن يكون بدلاً، والبدل في حكم تكرير العامل، فلزم أن يكون التقدير: يبلغ أحدهما، ولما كان (كِلاهُمَا) عطفاً على (أَحَدُهُمَا)، انقطع عن الضمير، فلم يُمكن أن يكون مؤكداً له؛ لأنه فاعل فعل آخر، والمؤكد لا فعل له إلا الفعل المذكور.
قوله: (وقرئ (أفٍ) بالحركات الثلاث)، نافع وحفص: بالتنوين وكسر الفاء، وابن كثير وابن عامر: بفتح الفاء من غير تنوين، والباقون بكسرها من غير تنوين.
وقال ابن جني: قرأ أبو السمال"أُفُّ" مضمومة غير منونة، وقرأ ابن عباس: "أف" خفيفة، وقال هارون النحوي: ويُقرأ "أفٌّ" بالتنوين، ولو قرئت "أفاً" لجاز، ولكن ليس في الكتاب ألفٌ.
وقال ابن جني: فيها ثماني لغات: أفِّ، وأُفٍّ، وأفاً، وأُفٌّ، وأفي ممالٌ، وأفْ خفيفة ساكنة. وأما قوله: "والتشديد كثُمَّ" فمعناه أنه على وزنه.
وقال أبو البقاء: من كسر بناه على الأصل؛ لأنه: اسم فعل، ومعناه التضجر والكراهة، أي: لاتقل لهما: كُفا، أو: اتركا. وقيل: هي: اسمٌ للجمل الخبرية، أي: كرهت، أو ضجرت من مداراتكما. ومن فتح طلب التخفيف مثل رب، ومن ضم أتبع، ومن نون أراد التنكير، ومن لم ينون أراد التعريف، ومن خفف الفاء حذف أحد المثلين تخفيفاً.


الصفحة التالية
Icon