وليس بها إلّا الرّقيم مجاورًا وصيدهم والقوم في الكهف همّد
وقيل: هو لوح من رصاص رقمت فيه أسماؤهم، جعل على باب الكهف. وقيل: إن الناس رقموا حديثهم نقرا في الجبل. وقيل: هو الوادي الذي فيه الكهف. وقيل: الجبل. وقيل: قريتهم. وقيل: مكانهم بين غضبان وأيلة دون فلسطين (كانُوا) آية (عَجَباً) من آياتنا، وصفا بالمصدر، أو على: ذات عجب، (مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً) أي: رحمة من خزائن رحمتك، وهي المغفرة والرزق والأمن من الأعداء، (وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا) الذي نحن عليه من مفارقة الكفار، (رَشَداً) حتى نكون بسببه راشدين مهتدين، أو اجعل أمرنا رشدا كله، كقولك: رأيت منك أسدا، (فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كيف اهتدوا وفروا إلى الله وتركوا زينة الدنيا وزخرفها فأووا على الكهف قائلين: (رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً)، وكما تعلقت الإرادة بإرشادهم فاهتدوا، يتعلق بإرشاد قومٍ من أمتك: (يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ) [المائدة: ٥٤]، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
قوله: (وليس بها إلا الرقيم) البيت، الوصيد: فناء البيت، وهو مفعول "مجاوراً"، يعني: أن أصحاب الكهف كانوا رقوداً في الغار وكلبهم مجاوراً لوصيدهم.
قوله: (أيلةَ): دون فلسطين. النهاية: أيلة- بفتح الهمزة وسكون الياء -: البلدُ المعروف فيما بين مصر والشام.
قوله: (أو: اجعل أمرنا رشداً كله، كقولك: رأيت منك أسداً)، (مِن) على الأول: صلة (َهَيِّئْ)، وعلى هذا بيان وتجريد، جرد من الأمر رشداً وهو الأمر بعينه مبالغةً في رشاده، ولهذا قال: رشداً كله.


الصفحة التالية
Icon