أي: ضربنا عليها حجابا من أن تسمع، يعنى: أنمناهم إنامة ثقيلة لا تنبههم فيها الأصوات، كما ترى المستثقل في نومه يصاح به فلا يسمع ولا يستنبه، فحذف المفعول الذي هو الحجاب. كما يقال: بني على امرأته، يريدون: بني عليها القبة، (سِنِينَ عَدَداً) ذوات عدد، فيحتمل أن يريد الكثرة وأن يريد القلة؛ لأن الكثير قليل عنده، كقوله: (لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ) (الأحقاف: ٣٥)، وقال الزجاج: إذا قل فهم مقدار عدده فلم يحتج أن يعدّ، وإذا كثر احتاج إلى أن يعد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أنمناهم إنامة ثقيلة)، يريد أن قوله تعالى: (فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ): كناية عن الإنامة الثقيلة: لأن المستثقل في نومه يُصاح به فلا يسمعُ، وإنما خُصت الآذان دون العيون، مع أن النوم يتعلق بها؛ لأن المراد المبالغة في النوم، فإن النائم في الأكثر يتنبه بسبب نُفوذ الصُّراخ في منفذ الصماخ.
قوله: (بني على امرأته)، الأساس: بني على أهله: دخل عليها، وأصله أن المُعرس أن يبني على أهله خباء.
قوله: (وقال الزجاج: إذا قل فُهِم مقدارُ عدده، فلم يحتج أن يُعد، وإذا كثُر احتاج إلى أن يُعد)، هذا مختصرٌ من كلامه، وكلامه أن (عَدَداً): منصوبٌ على ضربين، أحدهما: على المصدر، المعنى: يعد عدداً، ويجوز أن يكون نعتاً للسنين: والمعنى سنين ذات عدد، والفائدة في قولك: عددٌ في الأشياء المعدودات: أنك تريدُ توكيد كثرة الشيء؛ لأنه إذا قل فُهم مقدارُ عدده فلم يحتج إلى أن يُعد، وإذا كثُر يحتاج إلى أن يُعد، والعددُ في قولك: أقمت أياماً عدداً، تريد به الكثرة، وجائزٌ أن يؤد بعددٍ معنى الجماعة أنها قد خرجت من معنى الواحد.
وقلتُ: ويؤيده ما روينا عن البخاري ومسلم، عن عائشة رضي الله عنها في حديث بدء


الصفحة التالية
Icon