أخبث القتلة وهي الرجم، وكانت عادتهم (أَوْ يُعِيدُوكُمْ) أو يدخلوكم (فِي مِلَّتِهِمْ) بالإكراه العنيف ويصيروكم إليها. والعود في معنى الصيرورة أكثر شيء في كلامهم، يقولون: ما عدت أفعل كذا. يريدون ابتداء الفعل (وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً) إن دخلتم في دينهم.
[(وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيها إِذْ يَتَنازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً)].
(وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ) وكما أنمناهم وبعثناهم، لما في ذلك من الحكمة أطلعنا عليهم، ليعلم الذين أطلعناهم على حالهم أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وهو البعث، لأن حالهم في نومتهم وانتباهتهم بعدها كحال من يموت ثم يبعث. (وإِذْ يَتَنازَعُونَ) متعلق بـ (أعثرنا). أي: أعثرناهم عليهم حين يتنازعون بينهم أمر دينهم ويختلفون في حقيقة البعث، فكان بعضهم يقول: تبعث الأرواح دون الأجساد. وبعضهم يقول: تبعث الأجساد مع الأرواح، ليرتفع الخلاف، وليتبين أنّ الأجساد تبعث حية حساسة فيها أرواحها كما كانت قبل الموت فَقالُوا حين توفى الله أصحاب الكهف (ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً) أي على يأب كهفهم. لئلا يتطرّق إليهم الناس ضنا بتربتهم ومحافظة عليها كما حفظت تربة رسول الله ﷺ بالحظيرة (قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ) من المسلمين وملكهم وكانوا أولى بهم وبالبناء عليهم (لَنَتَّخِذَنَّ) على باب الكهف،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وكما أنمناهم وبعثناهم... اطلعنا عليهم)، يعني: المشار إليه بقوله: (وَكَذَلِكَ) ما سبق من الإنامة والبعث، وهو المشبه به، والمشبه: إطلاع الناس عليهما، ووجه التشبيه: ما اشتملا عليه من الحكمة، وفائدتها: حصول اليقين لمن يشك في البعث وفي (أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ).
قوله: (وكانوا أولى بهم وبالبناء عليهم)، هو: حالٌ من فاعل (غَلَبُوا)؛ لأن القوم لما