وثبت أنهم سبعة وثامنهم كلبهم على القطع والثبات. وقيل: إلا قليل من أهل الكتاب. والضمير في (سَيَقُولُونَ) على هذا لأهل الكتاب خاصة، أي: سيقول أهل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأما قوله: " (وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ): استئنافٌ"، فقد ذهب إليه المفسرون، قال الزجاج: دخول الواو هاهنا وإخراجها من الأول واحدٌ، وقد يجوز أن يكون دخولها على الدلالة على انقطاع القصة، وهو من قول ابن عباس: حين وقعت الواو انقطعت العدة.
وقال أبو البقاء: وقيل: دخلت الواو لتدل على أن ما بعدها مستأنف حق، وليس من جنس القول برجم الظنون.
ولعل مُراد ابن الحاجب من قوله: لوجب أن يكون العالم بذل كثيراً، أن القائل به المسلمون، وهم بالنسبة إلى القائلين- وهما السيد والعاقب - كثيرون، كما سبق، وجوابه من وجهين، أحدهما: أن القائلين من المسلمين ليسوا كلهم بل بعضهم، يدل عليه قول ابن عباس رضي الله عنهما: أنا من ذلك القليل. ذكره محيي السنة. والمراد بالقائلين: السيد والعاقب، هما ومن تابعهما، بدليل قول المصنف: "إن السيد والعاقب وأصحابهما". وثانيهما: أن قوله: (إِلاَّ قَلِيلٌ): استئناف من أعم العام لكونه معاقباً لقوله: (قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ)، ولا شك في قلة المسلمين في جنب الناس. والله أعلم بالصواب.
قوله: ((فَلا تُمَارِ فِيهِمْ): فلا تجادل). الراغب: المرية: التردد في الأمر، وهو أخص من الشك: (وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ (مِنْهُ) [الحج: ٥٥]، وقوله: (فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ) مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلاءِ) [هود: ١٠٩]، والامتراء والمماراة: محاجةٌ فيما فيه مريةٌ. قال تعالى: (قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ) [مريم: ٣٤]، وقال تعالى: (فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِرَاءً ظَاهِراً)، وأصل ذلك [من]: مريتُ الناقة: إذا مسحت ضرعها للحلب.


الصفحة التالية
Icon