وذلك مما لا مدخل فيه للنهى، وتعلقه بالنهى على وجهين، أحدهما: ولا تقولنّ ذلك القول إلا أن يشاء الله أن تقوله، بأن يأذن لك فيه. والثاني: ولا تقولنه إلا بأن يشاء الله، أي: إلا بمشيئة الله، وهو في موضع الحال، يعنى: إلا ملتبسا بمشيئة الله قائلا: إن شاء الله وفيه وجه ثالث، وهو: أن يكون أَنْ يَشاءَ اللَّهُ في معنى كلمة تأبيد، كأنه قيل ولا تقولنه أبدا. ونحوه قوله (وَما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ) [الأعراف: ٨٩]، لأن عودهم في ملتهم مما لن يشاءه الله. وهذا نهى تأديب من الله لنبيه حين قالت اليهود لقريش: سلوه عن الروح، وعن أصحاب الكهف، وذي القرنين. فسألوه فقال: ائتوني غدا أخبركم ولم يستثن، فأبطأ عليه الوحي حتى شق عليه وكذبته قريش.
(وَاذْكُرْ رَبَّكَ) أي مشيئة ربك وقل: إن شاء الله إذا فرط منك نسيان لذلك. والمعنى: إذا نسيت كلمة الاستثناء ثم تنبهت عليها فتداركها بالذكر. وعن ابن عباس رضي الله عنه: ولو بعد سنة ما لم تحنث. وعن سعيد بن جبير: ولو بعد يوم أو أسبوع أو شهر أو سنة. وعن طاووس: هو على ثنياه ما دام في مجلسه. وعن الحسن نحوه. وعن عطاء: يستثنى على مقدار حلب ناقة غزيرة،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (هو على ثنياه)، المُغرب: يقال: ثني العود: إذا حناه وعطفه؛ لأنه ضم أحد طرفيه إلى الآخر، ثم قيل: ثناه عن وجهه: إذا كفه وصرفه؛ لأن مسبب عنه، ومنه: استثنيت الشيء: زويته لنفسي، ومنه: الثنيا بوزن الدنيا، وفي الحديث: "من استثنى فله ثنياه" أي: ما استثناه.


الصفحة التالية
Icon