ومعناه: لعل الله يؤتينى من البينات والحجج على أنى نبىّ صادق ما هو أعظم في الدلالة وأقرب رشدا من نبأ أصحاب الكهف، وقد فعل ذلك حيث آتاه من قصص الأنبياء والإخبار بالغيوب ما هو أعظم من ذلك وأدلّ، والظاهر أن يكون المعنى: إذا نسيت شيئا فاذكر ربك. وذكر ربك عند نسيانه أن تقول: عسى ربى أن يهديني لشيء آخر بدل هذا المنسى أقرب منه (رَشَداً) وأدنى خيراً ومنفعة. ولعل النسيان كان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ومعناه: لعل الله يؤتيني من البينات.. ما هو أعظمُ في الدلالة وأقربُ رُشداً من نبأ أصحاب الكهف)، الانتصاف: يؤيده قوله: (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً)، افتتح القصة بتقليل شأنها، ثم ختمها بأمره صلوات الله عليه بما هو أرشد منها.
الإنصاف: هذا يُوهم أن أي قصة ذُكرت في الكتاب العزيز ليتعظ بها ينبغي أن يُحقر شأنها ويُسأل إنزالُ ما هو خيرٌ منها وأرشدُ. جوابه: أن المشركين سألوا رسول الله ﷺ عن خبرهم، وقالوا: هم فتيةٌ ذهبت بهم في الأرض مذاهبُ، فقلل الله ما أكثروه وحقر ما استعظموه، ولم يقص الله نبأها إلا لإعلام المشركين أن رسول الله ﷺ يتلقى الوحي من السماء، وأنه لا يخلو عن فائدة وموعظة وعبرة.
قوله: (يهديني لشيء آخر، بدل هذا المنسي أقرب) يقال: هداه لكذا، أو إلى كذا، لابد من تقدير شيء يصح الكلام معه، فالتقدير: يهديني لشيء آخر يكون ذلك الشيء بدل هذا المنسي أقرب نمه رشداً، قال الزجاج: عسى أن يعطيني من الدلالات ما يكون أقرب في الرشد، وأدل من قصة أصاب الكهف.
وقال في "المُطلع": يهدي إلى ما هو أقرب، و"أقربُ" في تركيب المصنف يجوز أن يكون بدلاً من بدل، وأن يكون صفة إن جُعل "أقرب" من "معرفة"، أو حالاً إن جُعل نكرةً.


الصفحة التالية
Icon