خيرة، كقوله (أَوْ نُنْسِها نَاتِ بِخَيْرٍ مِنْها) [البقرة: ١٠٦].
[(وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً* قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً)].
(وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ) يريد لبثهم فيه أحياء مضروبا على آذانهم هذه المدّة، وهو بيان لما أجمل في قوله (فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً)، ومعنى قوله: (قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا) أنه أعلم من الذين اختلفوا فيهم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (خيرةً) أي: مختاراً.
قوله: (بيان لما أُجمل في قوله: (فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ))، فإن قلت: ما فائدة إيراد البيان في آخر القصة والمبين في أولها قلتُ، والله أعلم: جيء أولاً باختلاف الأحزاب في كمية لُبثهم في الكهف. وثانياً: باختلافهم في كمية أشخاصهم، فبين الثاني بقوله: (سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ) وبين الأول بقوله: (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً * قُلْ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا) وسجل لكلتي الجملتين بإثبات العلم لله تعالى، وهذه الدقيقة تنهي لطف ما ذهب إليه المصنف في (سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ).
وأما توسيط قوله: (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً) الآية، بين البيان والمبين، فإنه من جملة التأديب الذي أدبه الله به، والتهذيب الذي هذبه مما هو خلقٌ له، وهو هذا القرآن المجيد؛ جاء مستطرداً عطفاً على قوله: (فَلا تُمَارِ)، (وَلا تَسْتَفْتِ) متضمناً معنى ما لأجله أبطأ عليه الجواب عن هذه القصة، قال الزجاج: (قُلْ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا): إخبارٌ عن الله تعالى بطول لُبثهم.