ونحوه قليل في كلامهم. يقال: عداه إذا جاوزه ومنه قولهم. عدا طوره. وجاءني القوم عدا زيدا. وإنما عدى بعن، لتضمين عدا معنى نبا وعلا، في قولك: نبت عنه عينه وعلت عنه عينه: إذا اقتحمته ولم تعلق به. فإن قلت: أي غرض في هذا التضمين؟ وهلا قيل: ولا تعدهم عيناك، أو لا تعل عيناك عنهم؟ قلت الغرض فيه إعطاء مجموع معنيين، وذلك أقوى من إعطاء معنى فذ. ألا ترى كيف رجع المعنى إلى قولك: ولا تقتحمهم عيناك مجاوزتين إلى غيرهم؟ ونحوه قوله تعالى (وَلا تَاكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ) [النساء: ٢]، أي ولا تضموها إليها آكلين لها. وقرئ: ولا تعد عينيك، ولا تعدّ عينيك، من أعداه وعدّاه نقلا بالهمزة وتثقيل الحشو. ومنه قوله:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (عدا طوره)، أي: جاوز حده.
النهاية: في حديث سطيح:
فإن ذا الدهر أطوارٌ دهارير
الأطوار: الحالات المختلفة والنازلات والحدود، واحدها: طورٌ، أي: مرة مُلكٌ، ومرةً هُلك، ومرة بؤس، ومرة نُعم. ومنه حديث النبيذ: "تعدى طوره"، أي: جاوز حده وحاله الذي يخصه ويحل فيه شربه.
قوله: (إذا اقتحمته)، الجوهري: اقتحمته عيني، أي: ازدرته.
قوله: (وقرئ: "ولا تُعدِ عينيك"): ولا تصرفهما. قال ابن جني: هي قراءة الحسن، وهذا منقولٌ من: عدت عيناك، أي: جاوزتا، من قولهم: جاء القوم عدا زيداً، أي: جاوز بعضهم زيداً، ثم نُقل إلى أعديتُ عيني عن كذا، أي: صرفتها.