فعد عمّا ترى إذ لا ارتجاع له
لأن معناه: فعد همك عما ترى. نهى رسول الله ﷺ أن يزدرى بفقراء المؤمنين، وأن تنبو عينه عن رثاثة زيهم طموحا إلى زىّ الأغنياء وحسن شارتهم (تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا) في موضع الحال، (مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ) من جعلنا قلبه غافلاً عن الذكر بالخذلان، أو وجدناه غافلا عنه، كقولك: أجبنته وأفحمته وأبخلته، إذا وجدته كذلك. أو من أغفل إبله إذا تركها بغير سمة، أي: لم نسمه بالذكر ولم نجعلهم من
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (فعد عما ترى إذ لا ارتجاع له)، وتمامه:
وانم القتود على عيرانةٍ أُجُد
نميتُ الشيء على الشيء: رفعته عليه، والقتدُ: خشبُ الرحل، وجمعه أقتادٌ وقتود، والعيرانة: الناقة، شُبهت بالعير في سُرعتها ونشاطها، وناقة أُجُدٌ: قويةٌ موثقةُ الخلق، يقولُ: فعد همك عما ترى، فإنه قد فات عنك بحيث لا ارتجاع له، أي: انصرف عما ترى من تغير الدار وما أنت فيه إذا أيقنت أن لا رجعة، وتشاغل بالرحلة.
قوله: (وحسن شارتهم). الشارة: اللباس والهيئة.
قوله: (جعلنا قلبه غافلاً عن الذكر بالخذلان، أو: وجدناه غافلاً)، الانتصاف: شمر الزمخشري هارباً من الحق، وتجرأ على نفي ما نسبه الله اتباعاً لهواه.
قوله: (وأفحمته)، الجوهري: كلمته حتى أفحمته، أي: أسكته، وأفحمته أي: وجدته مفحماً لا يقول الشعر.
قوله: (أو من: أغفل إبله؛ إذا لم يجعل لها وسماً)، الانتصاف: هذا يمكن مع خلق الغفلة، فلا ضرورة إلى صرف اللفظ عن ظاهره.