الذين كتبنا في قلوبهم الإيمان وقد أبطل الله توهم المجبرة بقوله (وَاتَّبَعَ هَواهُ) وقرئ: (أغفلنا قلبه)، بإسناد الفعل إلى القلب على معنى: حسبنا قلبه غافلين، من:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقد أبطل الله توهم المجبرة بقوله: (وَاتَّبَعَ هَوَاهُ)) حيث أسند الاتباع إليهم، وعطف بالواو ولم يُرتبه عليه بالفاء، فدل على الاستقلال، وأنهم بأنفسهم يتبعون أهواءهم، وليس (أَغْفَلْنَا) سبباً في الاتباع.
الانتصاف: قدم وجه نسبة فعل العبد إلى نفسه، لكونه مقروناً بقدرته، وإلى الله لكونه مُوجداً له، فأدلة السُّنة تتبعه حيث سلك لا محيص له عنها.
قلتُ: يمكن أن يُقال: إن العطف من أسلوب قوله تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ) بالنمل: ١٥] على راي صاحب "المفتاح" أخبر الله تعالى أنه خق قلوبهم مختوماً عليها وجعل فيها الغفلة، وأخبرهم أنهم اتبعوا أهواءهم، ولم يرتب الثاني على الأول تفويضاً لاستفادته إلى فهم السامع، أو من الأضمار، كما ذهب إليه المصنف في تلك الآية، أي: جعلنا قلبه غافلاً عن الذكر فضل واتبع هواه، كما قال: (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً)، فعملا به وعلما الناس وعرفا حق النعمة (وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ) [النمل: ١٥].
قوله: (وقرئ: "أغفلنا قلبه")، قال ابن جني: قرأها عمرو بن فائد، يقال: أغفلت الرجل، وجدته غافلاً.