أغفلته إذا وجدته غافلاً، (فُرُطاً) متقدّما للحق والصواب نابذاً له وراء ظهره من قولهم «فرس فرط» متقدّم للخيل.
[(وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وَساءَتْ مُرْتَفَقاً)].
(وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُم ْ): (الحق) خبر مبتدأ محذوف. والمعنى: جاء الحق وزاحت
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ((الْحَقِّ): خبر مبتدأ محذوف)، أي: هوالحق، كذا قُدر في "آل عمران"، والخبر هو العامل في الظرف. فإن قلت: ما دعاه إلى هذا؟ ولِمَ لم يجعل (مِنْ رَبِّكُمْ) الخبر؟ ومع ذلك كيف قال: جاء الحق؛ فإنه ليس بمقتضى التقدير؟
قلتُ: دعاه مجيء قوله: (وَقُلْ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ) كالفذلكة لما ذكر من مفتتح السورة أو جميع ما جاء به صلوات الله عليه، ثم ترتب ما بعده بالفاء عليه، فالضمير المقدر بمنزلة اسم الإشارة، ومن ثم قدر الواحدي: أي: هذا الحق من ربكم، قال الزجاج: الذي آتيكم به الحق من ربكم، فيكون المعنى: ما جئتكم به من حديثا لكتاب القويم المعري عن كل الاعوجاج، الظاهر الإعجاز، الكاشف عن المغيبات، المحتوي على مكارم الأخلاق، المزيح للعلل والأعذار، المزيل للريب والشبهات - حق واجب ثابت من الرب المالك الرحيم، ثم رتب عليه وعيد من كابر عقله وعاند ربه، ودفع الحق الصُّراح، ووعد من أذعن للحق وآمن وعمل بمقتضاه بقوله: (فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ)، وعلل ذلك بقوله: (إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً) إلى آخر الآيات. ويؤيدُ هذا التأويل ما ذكرهُ الواحدي: قال: قال مجاهدٌ والسديٌّ: قوله: (فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) وعيدٌ من الله وإنذارٌ، وقد بيَّنَ


الصفحة التالية
Icon