فلا ارتفاق لأهل النار ولا اتكاء، إلا أن يكون من قوله:
إنيّ أرقت فبتّ اللّيل مرتفقًا | كأنّ عينى فيها الصّاب مذبوح |
(أُولئِكَ) خبر إن (وإِنَّا لا نُضِيعُ) اعتراض، ولك أن تجعل (إِنَّا لا نُضِيعُ) و (أُولئِكَ) خبرين معاً. أو تجعل (أُولئِكَ) كلاماً مستأنفاً بياناً للأجر المبهم. فإن قلت: إذا جعلت إِنَّا لا نُضِيعُ خبرا، فأين الضمير الراجع منه إلى المبتدأ؟ قلت: (مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا والَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) ينتظمهما معنى واحد، فقام (مَنْ أَحْسَنَ) مقام الضمير. أو أردت: من أحسن عملا منهم، فكان كقولك: السمن منوان بدرهم. من الأولى للابتداء، والثانية للتبيين، وتنكير
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المتبوع عن التابع، ولولا المشاكلة كان إثبات (مُرْتَفَقاً) للكفار على سبيل التهكم كإثبات (يُغَاثُوا) لهم.
قوله: (إلا ان يكون من قوله): أي: هذا من المشاكلة، إلا أن يُراد معنى قول الشاعر، وذلك أن (مُرْتَفَقاً) وكأنه عيني إلى آخره: حالان مترادفان. ودلت الثانية على أن الأولى محمولة على غير المتعارف، جعل بالاعداء أفراد جنس المتكأ نوعين، على نحو قوله: تحية بينهم ضربٌ وجيعُ.
فالمعنى إن صح: أن تكون النار متكأ، فكأنالمتكأ ذاك.
قوله: (إني أرقت): سهرت، و"الصابُ": شجرةٌ لها لبنٌ إذا أصاب العين خلبها. الجوهري: الصابُ: عُصارة شجرٍ مُر.