[(وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً* وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً)].
يعني: قطروس أخذ بيد أخيه المسلم يطوف به في الجنتين ويريه ما فيهما ويعجبه منهما ويفاخره بما ملك من المال دونه. فإن قلت: فلم أفرد الجنة بعد التثنية؟ قلت: معناه ودخل ما هو جنته ما له جنة غيرها، يعنى أنه لا نصيب له في الجنة التي وعد المؤمنون، فما ملكه في الدنيا هو جنته لا غير، ولم يقصد الجنتين ولا واحدة منهما (وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ) وهو معجب بما أوتى مفتخر به كافر لنعمة ربه، معرّض بذلك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (معناه: ودخل ما هو جنته)، أي: ما يقال له: إنه جنته. قال القاضي: المراد ما هو جنته، وهو: ما مُتع به من الدنيا تنبيهاً على أنه لا جنة له غيرها ولا حظ له في الجنة التي وُعد المتقون، والتعريف فيه للعهد الذهني، و"ما" موصولة منصوبة المحل بـ"دخل".
قوله: (ما له جنةٌ غيرها). الجملة مؤكدة لمعنى الأولى؛ لأنه إذا كان جنسُ جنته هذا، لا يكون له غيرها. قال صاحب "الفرائد": هناك القصد إلى أن له كذا وكذا، فلابد من ذكر الثنتين، وما اكن بينهما وما يُضاف إليهما، وهاهنا القصد إلى أنه قال وقت الدخول ما لا ينبغي له أن يقول، فلا افتقار إلى ذكر التثنية، بل يكتفى بما يدل على جنس ما كان له، فالواحد والتثنية سواء بهذا الاعتبار.
وقال القاضي: ويجوز أن يكون الجنتان لاتصال كل واحدةٍ من جنتيه بالأخرى كجنة واحدة، أو يكون الدخول واحدة واحدة.
قوله: ((وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ): وهو معجبٌ بما أوتي مفتخرٌ به). قال صاحب "الفرائد": هو ناقصٌ لنفسه؛ لأن من كفر النعمة نقص نفسه، باعتبارأن الكفران يوجب فقدان