نجع في النبات الماء فاختلط به حتى روي ورف رفيفاً، وكان حق اللفظ على هذا التفسير: فاختلط بنبات الأرض. ووجه صحته أن كل مختلطين موصوف كل واحد منهما بصفة صاحبه. والهشيم: ما تهشم وتحطم، الواحدة هشيمة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (نجع في النبات). الأساس: نجع فيه الدواء: نفعه، وماءٌ نجوعٌ: نميرٌ.
قوله: (ورف رفيفاً). الأساس: رف النبات يرفُّ، وله وريفٌ ورفيفٌ؛ وهو أن يهتز نضارة وتلألؤا.
قوله: (ووجه صحته أن كل مختلطين موصوفٌ كل واحدٍ منهما بصفة صاحبه)، قال صاحب "الفرائد": حقُّ اللفظ كما ذكره الله تعالى؛ لأن النبات هو المختلط؛ لأن الفعل من جهته؛ إذ هو الجاذب للماء، ولا فعل من جهة الماء يُعرف بالتأمل، فيُقالُ: إن المصنف في صدد تأويل قول القائل: نجع في النبات الماءُ، بدليل قوله: هذا على التفسير، وللماء أيضاً فعلٌ لسريانه في النامي للطافته، ولا نُسلمُ أن نفسَ الجذب الاختلاطُ؛ لأن الاختلاط من الجانبين.
فإن قلت: الماءُ النازلُ من السماء إنما يخلطُ الأرض وأصل النبات، لا النبات، لأنه ينبتُ به جزءاً منه. قلتُ: للماء مع النامي أطوارٌ: ففي الطور الأول تختلطُ به الأرض وأصلُ النبات، ثم يختلط بالنبات فيصبح مخضراً رفيفاً، كما أشار إليه المصنفن ثم يخرج منه الحب، كما قال تعالى امتناناً: (وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُتَرَاكِباً) [الأنعام: ٩٩] الآية، والذي له سوقُ الكلام، هو الطور الثاني؛ لأن القصد تشبيه حياة الدنيا في حُسنها بهجتها في بدء الأمر باخضرار النبات وغضارته وأخذ الأرض زخرفها وزينتها، ثم استصالها في العاقبة، فلا يدخل في الكلام الطور الأول ولا الثالث، والتشبيه مختصرٌ مما في سورة يونس: (إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) [يونس: ٢٤] إلى آخر الآية.
الراغب: الخلطُ: هو الجمعُ بين أجزاء الشيئين فصاعداً، سواءٌ كانا مائعين أو جامدين.