تركه، ومنه الغدر. ترك الوفاء. والغدير: ما غادره السيل. وشبهت حالهم بحال الجند المعروضين على السلطان (صفًّا) مصطفين ظاهرين، يرى جماعتهم كما يرى كل واحد لا يحجب أحد أحدا (لقَدْ جِئْتُمُونا) أي: قلنا لهم: لقد جئتمونا. وهذا المضمر هو عامل النصب في يوم نسير. ويجوز أن ينصب بإضمار: اذكر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ((صَفّاً): مصطفين)، أي: (صَفّاً): حالٌ من الواو في: (وَعُرِضُوا)؛ وإنما قال: (ظَاهِرِينَ) لأن المقصود من عرض الجند على السلطان إظهارهم عنده، فجعل (صَفّاً) ترشيحاً لاستعارة (وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ)، كقوله: (وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ) [إبراهيم: ٤٨].
قوله: (وهذا المضمر هو عامل النصب في "يوم نُسير). قال أبو البقاء: وقيل: (وَيَوْمَ نُسَيِّرُ) معطوفٌ على قوله: (عِنْدَ رَبِّكَ)، أي: الصالحات خيرٌ عند الله وخيرٌ يوم نسير.
الراغب: السيرُ: المُضي في الأرض، ورجلٌ سائرٌ وسيارٌ، والسيارة: الجماعة، يقال: سرتُ، وسرتُ بفلانٍ، وسرته أيضاً، وسيرته، على التكثير، فمن الأول قوله تعالى: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ) [الحج: ٤٦]، ومن الثاني قوله (وَسَارَ بِأَهْلِهِ) [القصص: ٢٩]، ولم يجيء في القرآن القسم الثالث. ومن القسم الرابع قوله تعالى: (وَسُيِّرَتْ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً) [النبأ: ٢٠]. والتسيير ضربان، أحدهما: بالأمر والاختيار والإرادة من السائر، نحو: (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) [يونس: ٢٢]. والثاني: بالقهر والتسخير، كقوله تعالى: (وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ) [التكوير: ٣]. والسيرة: الحالةُ التي يكون عليها الإنسان وغيره غريزياً كان أو مكتسباً، يقالُ: فلانٌ له سيرةٌ حسنةٌ وسيرةٌ قبيحةٌ.


الصفحة التالية
Icon