أي: وجعلنا تواصلهم في الدنيا هلاكا يوم القيامة. ويجوز أن يريد الملائكة وعزيرا وعيسى ومريم، وبالموبق: البرزخ البعيد، أي: وجعلنا بينهم أمدا بعيدا تهلك فيه الأشواط لفرط بعده، لأنهم في قعر جهنم وهم في أعلى الجنان فَظَنُّوا فأيقنوا (مُواقِعُوها) مخالطوها واقعون فيها (مَصْرِفاً) معدلاً. قال:
أزهير هل عن شيبة من مصرف
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ويجوز أن يريد الملائكة): عطفٌ على قوله: وأراد الجن، والموبق: المهلك. المعنى على الأول: نادوا شركائي الذين زعمتهم من الجن، والحال أن بينهم وادياً من جهنم، أو بينهم عداوة. وعلى الثاني: أن بينهم أمداً بعيداً؛ لأنهم في قعر جهنم وهم في أعلى الجنان.
المُغرب: (مَوْبِقاً)، أي: مهلكاً من أودية جهنم أو مسافةٍ بعيدة.
قوله: (البرزخ). الجوهري: هو الحاجز بين الشيئين.
قوله: (تهلكُ فيه الأشواط)، المُغرب: الأشواط: جمع شوط، وهو جري مرة إلى الغاية، يعني فيه السير، كناية عن البُعد البعيد.
قوله: (أزُهير هل عن شيبةٍ من مصرف)؟ تمامه من "المطلع":
أم لا خلود لباذلٍ متكلف؟
"زهير" يُروى بفتح الراء: ترخيم "زهيرة" اسم امرأة.
"من مصرف"، الأساس: صُرف عن عمله: غُير، وإنه ليتصرفُ: يحتالُ.
يقولُ: أيتها اللائمة، هل يقدر أحدٌ أن يحتال في تغيير الشيبة؟ بل أتزعمين أن من بذل ماله في إنفاقه لاي بقى اسمه مخلداً على وجه الزمان؟