[(وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً)].
(أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا) أكثر الأشياء التي يتأتى منها الجدل إن فصلتها واحدا بعد واحد، خصومة ومماراة بالباطل. وانتصاب جَدَلًا على التمييز، يعني: أن جدل الإنسان أكثر من جدل كل شيء. ونحوه (فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ) [النحل: ٤].
[(وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلاَّ أَنْ تَاتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَاتِيَهُمُ الْعَذابُ قُبُلاً)].
(أَنْ) الأولى نصب. والثانية رفع، وقبلها مضاف محذوف تقديره وَما مَنَعَ النَّاسَ الإيمان والاستغفار (إِلَّا) انتظار (أَنْ تَاتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ)، وهي الإهلاك (أَوْ) انتظار أن (يَاتِيَهُمُ الْعَذابُ) يعني: عذاب الآخرة (قِبُلًا) عياناً. وقرئ (قبلا) أنواعاً: جمع قبيل. و «قبلا» بفتحتين: مستقبلا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (إن فصلتها واحداً بعد واحدٍ)، وذلك من إضافة "أفعَل" التفضيل إلى الواحد، فإن الإضافة فيه إذا أريد بيانُ زيادته، يقتضي أن يكون المفضل داخلاً فيمن أضيف إليهم فرداً منهم ليحصُل المقصودُ من الشركة والزيادة، قال ابن مالك: إن أفعل إذا أضيف إلى نكرة، نحو: زيدٌ أفضلُ رجل، وهما أفضلُ رجلين، وهم أفضل رجال، معناه: زيدٌ أفضل من كل رجل قيس فضله بفضلهِ، وهما أفضل من كل رجلين قيس فضلُهما بفضلِهما، وعلى هذا.
قوله: ((وَمَا مَنَعَ النَّاسَ) الإيمان والاستغفار) أي من الإيمان.
قوله: (وقرئ: (قُبُلاً)) الكوفيون: بضمتين، والباقون: بكسر القاف وفتح الباء.


الصفحة التالية
Icon