[(قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّاسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا)].
قرئ: (وَهَنَ) بالحركات الثلاث. وإنما ذكر العظم؛ لأنه عمود البدن وبه قوامه وهو أصل بنائه، فإذا وهن تداعى وتساقطت قوته، ولأنه أشد ما فيه وأصلبه، فإذا وهن كان ما وراءه أوهن. ووحده؛ لأن الواحد هو الدال على معنى الجنسية، وقصده إلى أن هذا الجنس الذي هو العمود والقوام وأشد ما تركب منه الجسد قد أصابه الوهن، ولو جمع لكان قصدا إلى معنى آخر؛ وهو أنه لم يهن منه بعض عظامه ولكن كلها. إدغام السين في الشين عن أبي عمرو.....
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ((وَهَنَ): بالحركات الثلاث)، بفتح الهاء: السبعةُ، والضم والكسرُ: شاذ.
الراغب: الوهن: ضعفٌ من حيث الخلقُ أو الخُلُق، قال تعالى: (رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي)، وقال تعالى: (وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ) [النساء: ١٠٤].
قوله: (ولأنه شد ما فيه)، عطفٌ على "لأنه عمودُ البدن"، يعني: أصلُ الكلام: ضعف بدني، وإنما كنى عنه بقوله: (وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي) وخص العظم بالذكر؛ لأنه كالأساس للبدن وكالعمود للبيت، فإذا وقع الخللُ في الأُس وسقط العمود تداعي الخلل في البناء وسقط البيت، فالكناية مبنية على التشبيه، أو أن العظم أصلبُ ما في الإنسان فيلزم من وهنه وهنُ جميع الأعضاء بالطريق الأولى، فالكناية غير مسبوقة بالتشبيه.
قوله: (وهو أنه لم يهن منه بعض عظامه ولكن كلها)، قال صاحب "الفرائد": ذُكر في أصول الفقه ان اللام إذا دخلت على الجمع بطل الجمعُ وتعلق الحكم بكل فردٍ فردٍ، باعتبار الجنس. سلمنا أن الجمع لم يبطل ولكن من أين يلزم المعنى الذي ذكره وهو القصد إلى أنه لم يهن منه بعض عظامه ولكن كلها؟ غاية ما في الباب احتمال عدم وهن البعض لكن من الاحتمال لا يلزمُ الوجود، بل يمكن أن يكون القصد إلى كل واحدٍ من العظام؛ لأن هذا محتملُ اللفظ، كما أن ذلك محتمله، والوجه أن يقال: اختير الواحد احترازاً عن هذا الاحتمال.


الصفحة التالية
Icon