وقرئ: (يُشْرِكُونَ)، بالتاء والياء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للقلوب الميتة، ويختار لرسالته والإنذار بها الخيرة من عباده، والمصطفين من خلقه ليقيموا بالدعوة إلى التوحيد وبالأمر بالتقوى الذي هو ملاك الدين.
وإلى العقلية الإشارة بقوله: (خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ) [النحل: ٣]، و (خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ)، وهما من كلا نوعي الدليل: الآفاقي والأنفسي، وضُم إلى الأول ما ابتدئ به من قوله: (تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) تقديراً، وإلى الثاني قوله: (فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ) تقريعاً، أي: خصيم لربه مُنكرٌ على خالقه، وصفاً له بالإفراط في الوقاحة والجهل والتمادي في كفران النعمة، ثم شرع في بيان النعم السابغة والآلاء المتتابعة إلى آخر السورة، ولذلك سُميت السورة بسورة النعم، وفي كل ذلك إشارة للمؤمنين إلى ترك الاستعجال والتأني في الأمور والاشتغال بالأهم والأخذ في الاستعداد، وتأهب الزاد ليوم المعاد، بالتزام التوحيد، والذكر الدائم، والاكتساء بلباس التقوى، وتقرير الدلائل للإرشاد، والتذكير بآلاء الله، شاكرين مستعصمين بحبله، مستمسكين بالعروة الوثقى.
فإن قلت: ما موضع قوله: (يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ)؟ قلت: إما حال من واو (يُشْرِكُونَ) مقررة لجهة الإشكال، وإما استئناف لبيان الاستبعاد، وكذا قوله: (خَلَقَ السَّمَوَاتِ).
فإن قلت: فلم خولف بين العبارتين مستقبلاً وماضياً مع اتحاد المغزى؟ قلتُ: للإيذان بالاستمرار في الأول إنزالاً غب إنزال وإرسالاً بعد إرسال. والتحقيق في الثاني، والله أعلم.
قوله: (وقرئ: (يُشْرِكُونَ)، بالياء والتاء)، حمزة والكسائي: بالتاء الفوقانية، والباقون: بالياء، في الموضعين.