[(خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ) [.
ثم دلّ على وحدانيته وأنه لا إله إلا هو بما ذكر، مما لا يقدر عليه غيره من خلق السماوات والأرض وخلق الإنسان وما يصلحه، وما لا بدّ له منه من خلق البهائم لأكله وركوبه وجرّ أثقاله وسائر حاجاته، وخلق ما لا يعلمون من أصناف خلائقه، ومثله متعال عن أن يشرك به غيره. وقرئ: (يُشْرِكُونَ)، بالتاء والياء (فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ) فيه معنيان، أحدهما: فإذا هو منطيق مجادل عن نفسه مكافح للخصوم مبين للحجة، بعد ما كان نطفة من منىّ جماداً لا حس به ولا حركة،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (من خلق البهائم)، بيان ما يصلحه، و"خلقٌ" فيه مقحمٌ للتأكيد.
قوله: (وقرئ: (يُشْرِكُونَ) بالياء التحتاني: حمزة والكسائي.
قوله: ((فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ): فيه معنيان)، يعني: في ترتب (فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ) على كونه نطفة معنيان، أحدهما: الإيذان بانتهاء حالتي حقارته وعظمته، وإفراطه وتفريطه، وثانيهما: الإشعار بتعكيس أمره حيث إنه تعالى نقله من أخس أحواله إلى أشرفها ليشكر فكفر، كقوله تعالى: (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) [الواقعة: ٨٢] وقلتُ: هذا المعنى مؤكد لما فسرنا به قوله: (أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) من قولنا: ما أجهلهم من جيل في إشراكهم بالله تعالى مع تعاضد الأدلة السمعية والعقلية في فعله.


الصفحة التالية
Icon