العلم. ألا ترى إلى قوله على أثره (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ)] النحل: ٢٠ [والثاني: المشاكلة بينه وبين من يخلق. والثالث: أن يكون المعنى أنّ من يخلق ليس كمن لا يخلق من أولى العلم، فكيف بما لا علم عنده، كقوله (أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها) يعنى أنّ الآلهة حالهم منحطة عن حال من لهم أرجل وأيد وآذان وقلوب، لأنّ هؤلاء أَحياء وهم أموات، فكيف تصح لهم العبادة؟ لا أنها لو صحت لهم هذه الأعضاء لصحّ أن يعبدوا فإن قلت: هو إلزام للذين عبدوا الأوثان وسموها آلهة تشبيهاً بالله، فقد جعلوا غير الخالق مثل الخالق،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (المشاكلة بينه وبين من يخلق)، يعني: جيء بـ"مَنْ" الذي هو مختص بأولي العلم للجماد الذي هو أصنام؛ لأنها مصحوبة مع ذكر من يخلق، كقوله تعالى: (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا) [الشورى: ٤٠].
قوله: (لا أنها لو صحت لهم هذه الأعضاء لصح أن يُعبدوا)، يريد أن الآيتين من باب المبالغة والإلزام بالطريق الأولى، لا لتصحيح العبودية للأصنام بحصول ما هو مفقود عنها موجود في الناس.
الانتصاف: الزمخشري يجزم على أن العباد يخلقون أفعالهم، فالمراد ظهور التفاوت بينهم وبين من يخلق ومن لا يخلُقُ منهم، كالعاجزين والزمنى، حتى يثبت أن التفاوت بينهم وبين ما لا يخلق، كالأصنام، أولى.
قوله: (هو إلزام للين عبدوا الأوثان)، وجهُ السؤال: أن المشركين ما شبهوا الخالق بالأصنام حتى ينكر عليهم بقوله: (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ)، وإنما شبهوا الأصنام بالخالق، فكان حق الإلزام أن يُقال: أفمن لا يخلق كمن يخلق؟ ووجه الجواب: أن وجه التشبيه إذا قوي بين الطرفين، أعني المشبه والمشبه به، يرجع التشبيه إلى التشابه، فيُقال: