ولا يقطعها عنكم لتفريطكم، ولا يعاجلكم بالعقوبة على كفرانها (وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ) من أعمالكم، وهو وعيد.
[(وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ* أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ)].
(وَالَّذِينَ يَدْعُونَ) والآلهة الذين يدعوهم الكفار (مِنْ دُونِ اللَّهِ) وقرئ بالتاء. وقرئ:
يدعون، على البناء للمفعول. نفى عنهم خصائص الإلهية بنفي كونهم خالقين وأحياء لا يموتون وعالمين بوقت البعث، وأثبت لهم صفات الخلق بأنهم مخلوقون وأنهم أموات وأنهم جاهلون بالغيب. ومعنى (أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ) أنهم لو كانوا آلهة على الحقيقة لكانوا أحياء غير أموات، أي غير جائز عليها الموت كالحي الذي لا يموت وأمرهم على العكس من ذلك. والضمير في (يُبْعَثُونَ) للداعين، أي لا يشعرون متى تبعث عبدتهم. وفيه تهكم بالمشركين وأنّ آلهتهم لا يعلمون وقت بعثهم، فكيف يكون لهم وقت جزاء منهم على عبادتهم. وفيه دلالة على أنه لا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا)، يعني: أن أنعام الله لا نهاية لها، فإذاً لا يقدر أحد أن يقوم بحقها، كما هو حقها، وهو يقتضي سلب تلك النعمة، وإنزال النقمة بدلها، (وَاللَّهُ غَفُورٌ) يتجاوز عن التقصير عاجلاً، (رَحِيمٌ) لا يقطع النعمة، لكن لابد أن يُجازيكم آجلاً على أعمالكم، لأنه يعلم (مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ)، وفيه إشعارٌ بأن تكليف ما لا يطاق جائز، لكن غير واقع من الله تعالى تكرماً وتفضلاً.
قوله: (ومعنى: (أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ) أنهم لو كانوا آلهة)، يعني: كان يكفي أن يُقال: هم أمواتٌ، فقرن بقوله: (غَيْرُ أَحْيَاءٍ) ليكون تعريضاً بالإله الحق في أنه حي لا يموت، فمن كان بعكسه لا يكون إلها.
قوله: (وفيه دلالة)، أي: في قوله: (وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) إدماج، يعني: أنه لابد من البعث، وأن البعث من لوازم التكليف، يعني: من شأن المعبود أن يُجازي عابده