المطلب الأول: تعريف الغلو لغة واصطلاحاً.
لقد كان الابتعاد عن الغلو الذي يتنافى مع أصول الدين من أهم الأمور التي حذر الله أهل الكتاب من ممارستها؛ وذلك لما يترتب عليه من العقاب، وقد جاء القرآن العظيم يخاطب أهل الكتاب فيما يتعلق بالغلو في الدين، فنهاهم عن ذلك، وحذرهم من الاسترسال فيه بغير الحق؛ وذلك لأنه كان سبباً كبيرا في انحرافهم عن التوحيد الحق، وسنبدأ بتعريف الغلو في الدين حتى يكون الكلام عليه واضحاً، وهذا المبحث سيكون في ثلاثة مطالب فنقول:
الفرع الأول: تعريف الغلو لغة:
وردت عدة تعريفات للغلو في معاجم اللغة العربية، فمن هذه التعريفات ما يلي:
قال ابن سيده: الغلو لغةً: مأخوذ من "غلا في الأمر غلواً أي: تجاوز حده" (١) ومن تشدد في الدين وجاوز الحد وأفرط فهو غال (٢).
وعرفه ابن فارس بقوله هو: مجاوزة الحد (٣).
وهذا التعريف اللغوي بأنه مجاوزة الحد أعم وأشمل؛ لأنه يندرج تحته المجاوزة للحد بالتكلف والتشدد والمبالغة في كل أمر، وأيضاً في الإفراط والتفريط.
الفرع الثاني: تعريف الغلو اصطلاحاً:
أما الغلو اصطلاحاً فله تعريفات كثيرة ذكرها أهل التفسير والأصول، لكننا نكتفي هنا بما عرفه الإمام الشاطبي (٤) رحمه الله تعالى بقوله: "الغلو: هو المبالغة في الأمر ومجاوزة الحد فيه إلى حيز الإسراف" (٥).
_________
(١) انظر: المحكم والمحيط الأعظم، (٦/ ٥٧) المؤلف: أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي، الناشر: دار الكتب العلمية بيروت ٢٠٠٠ م، الطبعة: الأولى، تحقيق: عبد الحميد هنداوي.
(٢) انظر: المعجم الوسيط (٢/ ٦٦٠) مرجع سابق.
(٣) انظر: معجم مقاييس اللغة (٤/ ٣٨٨) مرجع سابق.
(٤) أبو إسحاق إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي، الغرناطي، المالكي الشهير بالشاطبي، فقيه أصولي، مات عام ٧٩٠ هـ، من مؤلفاته: الموافقات، والاعتصام. انظر: كفاية المحتاج لمعرفة من ليس في الديباج، (١/ ٩١). المؤلف: أحمد بابا التنبكي، تحقيق د علي عمر، مكتبة الثقافة الدينية القاهرة، الطبعة الأولى ١٤٢٥ هـ ٢٠٠٤ م.
(٥) انظر: الاعتصام (١/ ٣٠٤)، المؤلف: أبي إسحاق الشاطبي، الناشر: المكتبة التجارية الكبرى - مصر، بلا تاريخ.


الصفحة التالية
Icon