٣ - أن لا يكون القصد من المناظرة مجرد المجادلة والمغالبة وحب العلو، بل يكون القصد بيان الحق وهداية الخلق.
أي: ولتكن مجادلتكم لأهل الكتاب مبنية على الإيمان بما أنزل إليكم وأنزل إليهم، وعلى الإيمان برسولكم ورسولهم وعلى أن الإله واحد، ولا تكن مناظرتكم إياهم على وجه يحصل به القدح في شيء من الكتب الإلهية أو بأحد من الرسل كما يفعله الجاهل عند مناظرة الخصوم يقدح بجميع ما معهم من حق وباطل فهذا ظلم وخروج عن الواجب وآداب النظر، فإن الواجب أن يرد ما مع الخصم من الباطل، ويقبل ما معه من الحق، ولا يرد الحق لأجل قوله ولو كان كافراً" (١).
وسنذكر في المبحث القادم مجموعة من الأمثلة التي تبين كيف كانت مواقف أهل الكتاب قديماً وحديثاً من الجدال والمناظرة.
الفرع الرابع: مجادلة أهل الكتاب ومناظرتهم حديثاً:
أما مجادلة أهل الكتاب ومناظرتهم حديثاً فلا بد أن تلتزم بالمنهج الإسلامي الذي يدعو للجدال بالتي هي أحسن، وبالطريقة الحسنى القائمة على الإيمان بأصول الأديان، وبالكتب التي أنزلت إلينا وإليهم، ولكننا نؤمن بأن كتب أهل الكتاب حرفت وبدلَّت، وعليه فلا حجة بما بقي فيها إلا ما وافق القرآن الكريم وسنة رسول الله محمد - ﷺ -! لأن الله قد توعد بحفظه، ولم يدخله التحريف بعكس ما في كتبهم.
وقد أصبحت وسائل المناظرة والمجادلة في عصرنا الحديث متعددة وميسرة، فلا نكتفي بدعوتهم للمناظرة فرداً لفرد، أو شخصاً لشخص، ولكن لا بد أن نستفيد من وسائل العصر لحوارهم وجدالهم فمثلاً: أن يتعلم المناظر لغاتهم (٢)، وذلك ليتم التخاطب معهم بلغتهم، وكذلك حوارهم عبر القنوات الفضائية المرئية والمسموعة، وكذلك عبر الإذاعات المسموعة؛ وذلك رداً عليهم وعلى مناهجهم.
ومما يحتم علينا دعوتهم أنهم اليوم في تطور مستمر في طرقهم وأساليبهم في نشر أفكارهم المحاربة للإسلام، وقد أصبحت "مناهج العمل التنصيري متعددة الجوانب، ودائماً في تطور مستمر، فمن هذه
_________
(١) انظر: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (١/ ٦٣٢) مرجع سابق.
(٢) قال زيد بن ثابت أتي بي إلى النبي - ﷺ - فقال لي: (تعلم كتاب يهود فإني ما آمنهم على كتابي) انظر: الإصابة في تمييز الصحابة، (٢/ ٥٩٣) مرجع سابق.