الأول: أن يذعن للحق فيسلم وجهه لله رب العالمين، ويؤمن برسالة خاتم الأنبياء والمرسلين الذي بشر به إخوانه الأنبياء السابقين.
الثاني: أن ينفر ويستكبر عن الإيمان بالله ورسوله، ولا يحمله على ذلك إلا الحسد والعناد، فيجحد الحق بعد قيام الحجة، قال تعالى: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ﴾ (١)، ومما ينبغي لدعاة الإسلام الذين يناظرون أهل الكتاب حديثاً أن يتعلموا من هذه المناظرات الطريقة السليمة لدعوة غيرهم إلى دين الله بالفقه والحكمة والدليل والبرهان.
وسنكتفي هنا بذكر ما ورد من الحوار والمناظرة بين سيدنا جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه - في هجرته إلى الحبشة وبين النجاشي، وهي مناظرة مشهورة في كتب الحديث والسير والمغازي.
وذلك أنه لما اشتد الأذى على المسلمين في مكة قبل الهجرة أذن النبي - ﷺ - لأصحابه أن يهاجروا إلى الحبشة للحفاظ على دينهم؛ ولأن فيها ملكاً عادلاً لا يُظلم عنده أحد، فخرج إليه مجموعة من المسلمين كان على رأسهم جعفر بن أبي طالب ابن عم رسول الله - ﷺ -، ومن أمهات المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها (٢)، وأم حبيبة (٣) بنت أبي سفيان رضي الله عنهما، وأسماء بنت عميس (٤) وغيرهم رضي الله عنهم جميعاً.
_________
(١) سورة البقرة الآية: (١٠٩).
(٢) أسماء بنت يزيد بن السكن بن رافع بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل بن جشم بن الحارث الأنصارية الأوسية ثم الأشهلية قال أبو علي بن السكن وتكنى أم سلمة وكانت يقال له خطيبة النساء روت عن رسول الله - ﷺ - عدة أحاديث قال عبد بن حميد أم سلمة الأنصارية هي أسماء بنت يزيد بن السكن شهدت اليرموك وقتلت يومئذ تسعة من الروم بعمود فسطاطها وعاشت بعد ذلك دهرا. انظر: الإصابة في تمييز الصحابة (٧/ ٤٩٨) مرجع سابق.
(٣) رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس الأموية زوج النبي - ﷺ - تكنى أم حبيبة، وهي بها أشهر من اسمها، وقيل بل اسمها هند ورملة أصح عند الجمهور. انظر: الإصابة في تمييز الصحابة (٧/ ٦٥١) مرجع سابق، أسماء من يعرف بكنيته (١/ ٦٦) المؤلف: محمد بن الحسين أبو الفتح الأزدي الموصلي، الناشر: الدار السلفية - الهند، الطبعة الأولى، ١٤١٠ - ١٩٨٩، تحقيق: أبو عبدالرحمن اقبال، أسد الغابة (١/ ١٣٥٣) مرجع سابق.
(٤) أسماء بنت عميس بن أنس بن مدرك الخثعمي زوج خالد بن الوليد وأم أولاده المهاجر وعبد الله وعبد الرحمن.
انظر: الإصابة في تمييز الصحابة (٧/ ٤٨٤) مرجع سابق.


الصفحة التالية
Icon