اعتقادهم مع غيرهم، وهي كلمة التوحيد، كما قال تعالى: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾ (١).
فكانت رسالة سيدنا محمد - ﷺ - رحمة للعالمين، وخاتمة لرسالة النبيين، وعامة لجميع البشر دون استثناء، قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ (٢)، وقال تعالى: ﴿مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ (٣) أي: فلا نبي بعده.
فكان - ﷺ - مصدقاً لما جاء به مَن قبله من الرسل والأنبياء، وناسخاً ومتمماً لشرائعهم، قال تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ﴾ (٤).
وبين الله لعباده أنه لا يقبل من أحد ديناً غير دين الإسلام دين جميع الأنبياء والمرسلين، قال تعالى: ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ (٥).
وقال - ﷺ -: ﴿وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيده لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ من هذه الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ ولا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ ولم يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إلا كان من أَصْحَابِ النَّار﴾ (٦).
وقد كان المتوقع من أهل الكتاب اليهود والنصارى أن يؤمنوا بمحمد رسول الله وينصروه بحسب العهد والميثاق المأخوذ عليهم؛ كونه قد بشر به أنبياؤهم في كتبهم، وذكروا لهم من صفاته وبلده وزمنه وصفات أصحابه ما يقتضي أن يعرفوه فيتبعوه؛ لكن الذي حدث من أكثرهم عكس ذلك، فإنهم ناصبوه العداء طوال حياتهم، وكذبوه وأذوه كما فعلوا بمن قبله من الرسل والأنبياء، ويشهد لذلك قصة
_________
(١) سورة آل عمران الآية: (٦٤).
(٢) سورة سبأ الآية: (٢٨).
(٣) سورة الأحزاب الآية: (٤٠).
(٤) سورة المائدة الآية: (٤٨).
(٥) سورة آل عمران الآية: (٨٥).
(٦) أخرجه مسلم، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد - ﷺ - إلى جميع الناس ونسخ الْمِلَلِ بِمِلَّتِهِ، (١/ ١٣٤) رقم: (١٥٣) المؤلف: الإمام مسلم بن الحجاج أبو الحسين القشيري النيسابوري، الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي.


الصفحة التالية
Icon