وهو دعوة صالح - عليه السلام -: قال تعالى: ﴿وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ﴾ (١).
وهو دعوة شعيب - عليه السلام -: قال تعالى: ﴿وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ﴾ (٢).
وهو دعوة خاتم الأنبياء والمرسلين محمد - ﷺ -: قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ﴾ (٣).
ومن خلال هذه الآيات تبين أن دين الله هو دين التوحيد، وأن دين جميع الأنبياء والمرسلين هو دين التوحيد القائم على ترك كل ما سوى الله عز وجل.
وهذا التوحيد قد جاء أيضاً في الكتب السابقة ففي التوراة (سفر التثنية ٦: ٤) وفي إنجيل (مرقس ٣٠، ٢٩: ١٢) جاءت هذه الجملة: (اسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد. فتحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قوتك) (٤).
ولم يكن التوحيد مجرد أمر ثانوي يدعى إليه الخلق، بل كان هو الأصل، وهو الميثاق الذي أخذه الله من الناس، كما أنه الميثاق الذي أخذه الله على بني إسرائيل من اليهود والنصارى بقوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ... ﴾ (٥).
الفرع الثاني: آيات الخطاب التي تأمر أهل الكتاب بالتوحيد، وأقوال المفسرين فيها.
سنبين هنا بإذن الله خطاب القرآن الكريم لأهل الكتاب من اليهود والنصارى بدعوتهم إلى توحيد الله عز وجل، وسنذكر الآيات التي تتعلق بذلك، وأقوال المفسرين فيها:
الآية الأولى:
_________
(١) سورة هود: الآية (٦١).
(٢) سورة هود: الآية (٨٤).
(٣) سورة فصلت الآية: (٦ - ٧).
(٤) انظر: موسوعة الكتاب المقدس، سفر التثنية ٦: ٤، (١/ ٣١١) المؤلف: شحادة بشير، الناشر: المكتبة الشاملة، وإنجيل (مرقس ٣٠، ٢٩: ١٢) المرجع السابق (٤/ ٢١٣).
(٥) سورة البقرة: الآية (٨٣).