يتصور أحد أن هذه الآية حمّلها العلماء ما لم تتحمل، من احتواء العلوم الشرعية والكونية، والناس يقرؤونها ولا يلحظون ما ذكر المفسرون، ويكررونها صباح مساء ولا يتهيأ لهم ما يصفونها به، وأن ما ذكره العلماء ورد استطرادا لا استنباطا، وتطويلا لا تأويلا، وتعليما لا تفسيرا، وإكثارا لا استخراجا، فنقول: تمهلوا فإن الأمثلة تزيد الأمر وضوحا وتكسبه جلاء، فتساعد على الفهم والاستيعاب، فلو صورنا سورة الفاتحة بجنة خلق الله فيها من أنواع الثمار والفواكه، وأعطى من البهجة والخضرة ما لا يتصوره خيال، على حد قول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ (١)، فلو جمع الله هذه المذكورات وغيرها من الثمار والأشجار والأزهار في
_________
(١) الآية (٩٩) من سورة الأنعام.


الصفحة التالية
Icon