مكان واحد، ونظر إليها وتجول فيها ثلاثة عقلاء، متفاوتو القدرات وهم:
مهندس خبير في الزراعة والأشجار والنباتات، وفلاّح، وطفل صغير.
ونوع رابع هو: دابة يستخدمها الفلاّح في خدمته وخدمة مزرعته، كيف يكون فهم ما حوت المزرعة في نظر كل واحد من الأربعة؟، فهل يكون هؤلاء والحقل أمامهم متفقين في الرأي والفكر بالنسبة لكل منهم، ؟ كلاّ إن الأمر مختلف قطعا.
وبيان أقسام الناس على نحو ما يلي:
إن المهندس الزراعي الخبير بالري وشئون الزراعة، وما يصلحها، وما يفسدها، وفق علم عميق ودراسة دقيقة، وتجارب مخبرية عديدة، يكون وهو أمام الحقل واسع الأفق، كبير المعاني، عالما بقدرة ربه ورب كل مخلوق ﴿رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ وبما له في هذا المنظر من أسرار الخلق والتكوين، يتجلى منه عظمة الخالق سبحانه.
وهذا يمثل القسم الأول من أقسام الناس: وهم الذين عرفوا سورة الفاتحة، وعلموا فضلها، وخبروا مقاصدها، وفهموا دلالاتها الظاهرة والضمنية، فكانت عندهم بمنزلة القلب من الجسد، إذا توقف عن العمل، توقفت الحياة عن سائر الجسد، فجرى حرصهم على العمل بالفاتحة نصا وروحا، وكانوا مضرب المثل في الفهم النظري، والتطبيق العملي، وهؤلاء هم أصحاب رسول الله - ﷺ - الذين ربّاهم على وحي ربه، وأرشدهم