إلى العمل بسنته - ﷺ -، فكانوا الصفوة المختارة، ليقتدي بهم من بعدهم من التابعين، فهم العدول المبلغون عن الله ورسوله، وهكذا يتكامل هذا الصنف الواعي جيلا بعد جيل، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، أخرج الإمام البخاري من حديث المغيرة - رضي الله عنه - عن النبي - ﷺ - قال: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله، وهم ظاهرون) (١)، المعنى المراد منه العبادة والاستقامة على الحق، وهذا أشبه بذلك الفلاح، الذي يقبل على حقله وينظمه ويقوم على شؤونه في حدود علمه ولاشك أن المفسر للقرآن، العالم بمعانيه ومقاصده أرقى بكثير من العابد، فهو أشبه بالمهندس، والعابد أشبه بصاحب الحقل.
أما الطفل فإنه يقصر عن الاثنين قصورا بينا، فالصبي يروقه منظر الحقل وجماله، وتعجبه أشجاره وأزهاره، ويشتاق لفواكهه وثماره، لكنه لا يفقه من أسرارها شيئا، ولا يعلم كيف وجدت، فهذا مثل القسم الثالث من أقسام الناس: وهم الجهلاء من المسلمين عامة، الذين لا يحسنون فهم الفاتحة، وربما رددوها بتحريف وتصحيف، وإذا سألت أحدهم عن كلمة منها أهي على هذا الوجه، أو على وجه آخر؟، لما عرف الصواب من الخطأ وربما اختار الخطأ فصوبه، وهذا الصنف هم الكثرة الكاثرة، ويدخل فيهم المبتدعون من أصحاب
_________
(١) أخرجه البخاري، حديث (٧١).