مِنَ المَوضَاتِ، كمَنْ لَيسَ لهُنَّ هَمٌّ إلَّا المَوضَاتُ والتَّجمُّل والتَّحسِين، ومَا أشْبَهَ ذَلِكَ؛ لأنَّها بنَفْسِهَا قَاصِرَةٌ، كذَلِكَ أيضًا بقَولها قَاصِرَةٌ: ﴿وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيرُ مُبِينٍ﴾ عنْدَ المَخاصمَةِ تَكُونَ مغلُوبَةً لا تُظهِرُ الحُجَّةَ؛ لأنَّها ضَعِيفةٌ بالأنوثَةِ.
بَقِي: مَا هُوَ المُقابِلُ؟ ﴿أَوَمَنْ يُنَشَّأُ﴾ لا بُدَّ مِنْ مُقَابِلٍ: كمَنْ لَيسَ كذَلِكَ، أَي: كَمَنْ لَا يَحتَاجُ إِلَى أَنْ يُنَشَّأَ فِي الحِلْيَةِ، وكمَنْ هُوَ فِي الخِصَامِ مُبِين، وهُوَ الذَّكَرُ، المَعْنَى: أن اللهَ يُضِيفُ لَوْمًا إِلَى لَوْمٍ عَلَى هَؤُلَاءِ حيثُ يَجعَلُون لله القَاصِرَ فِي مقَالِهِ وفِعَالِهِ، ويَجعَلُونَ لهُمُ الكَامِلَ.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَةُ الأُولَى: قصُورُ المَرْأَةِ، وأنَّهُ لَا يُمكِنُ أَنْ تُساويَ الرَّجُل فِي عَقْلِهَا ودَلِّها؛ لقَولِهِ: ﴿أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ... ﴾ إِلَى آخِرَهِ.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أن المَرْأةَ لَيسَ لَهَا همٌّ إلَّا التَّجمُّلُ والعِنَايَةُ بمَظْهَرِهَا.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أن المَرْأةَ لَيسَتْ ذَاتَ خِصَامٍ، بَلْ هِيَ ضَعِيفَةٌ لَا تَستَطِيعُ أَنْ تُخاصِمَ ولَا تُبِين مَا فِي قَلْبِهَا مِنَ الحُجَّةِ، ولهَذَا لمَّا تَولَّت بِنْتُ كِسْرَى عَلَى الفُرْسِ، وبَلَغَ ذَلِكَ النَّبيَّ - ﷺ - قَال: "لَنْ يُفْلِحَ قَوْلم وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأةَ" (١).
واختَلَفَ النَّاسُ فِي مَعْنَى قَولِهِ: "لَنْ يُفْلِحَ قَوْلم وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأة" هَلْ هَذَا خَاصٌّ بهَذ القَضيَّةِ المُعيَّنةِ، بمَعْنَى: أن هؤُلَاءِ لَنْ يُفلِحُوا؛ لأَنَّهُم وَلَّوْا أَمرَهُمُ امرَأةً، أَوْ أن هَذَا عَامٌّ لكُلِّ مَنْ ولَّى أَمرَهُ امرَأةً.