فإِنْ نظَرْنا إِلَى العُمُومِ: "لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً" قُلْنا: هَذَا عَامٌّ فِي كُلِّ قَوْمٍ وَلَّوْا أمْرَهُمُ امْرَأةً، وإِنْ نظَرْنا إِلَى القَضيَّةِ المُعيَّنةِ قُلْنا: إنَّهُ خَاصٌّ. وإِذَا نظَرْنا إِلَى الوَاقِعِ فهَلِ المرْأَةِ الَّتِي تَتَولَّى أُمُورَ الرِّجالِ هَلْ تُفلِحُ؟
الجَوابُ: إِنْ أَفلَحَتْ فذَلِكَ بمَعْونَةِ الرِّجالِ، أَوْ فَلاحٌ نِسبيٌّ؛ يَعْنِي: امرَأةٌ مَثَلًا تَكُونُ رَئيسَةَ وُزارَةٍ، لَنْ يُفلِحَ قَومُها إلا بمُسانَدَةِ الرِّجالِ لها، هذه واحِدَةٌ، أَوْ يُقَالُ: هُوَ فَلاحٌ نِسبيٌّ، فلَوْ تَولَّى غيرهَا مِنَ الرِّجالِ؛ لكَانَ ذَلِكَ أفْلَحَ لهمْ.
وكذَلِكَ أيضًا لَنْ يُفْلِحَوا إِذَا وَلَّوْا أمرَهُمْ فِي غَيرِ الرِّئاسَةِ كالوَزَارَةِ مَثلًا، لَنْ يُفلِحُوا، ومَنْ عَرَفَ النِّساءَ وكثْرَةَ خُصُومِهنَّ ومَشاكِلِهنَّ إِذَا تَولَّوْا حتَّى إدارَةَ مَدرَسَةٍ؛ عَرَفَ أن المرَأةَ لَا تَصلُح إطْلَاقًا للوَلايةِ، اللَّهُمَّ إلَّا عَلَى بَنِي جِنْسِهَا، فهَذَا رُبَّما؛ لأَنَّ الضَّعيفَ للضَّعيفِ.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: الثَّناءُ عَلَى الرِّجالِ؛ لأَنَّهم إِذَا كَانَتِ النِّساءُ لَا تَكمُلُ بذَاتِهَا، ولَا بالفِعْالِ، ولَا بالمَقَالِ، فهَذَا يَعْنِي أن الرِّجال كُمَّلٌ، وانْظُرْ إِلَى قَوْلِ اللهِ تعَالى: ﴿وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (١٢)﴾ [التحريم: ١٢] يَتبَيَّنْ لَكَ أن القُنُوتَ والعِبَادَةَ فِي الرِّجالِ أكْثر؛ ولهذَا جَاءَ فِي الحدِيثِ: "كمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إلا أَرْبَعٌ: آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَخَدِيجَةُ بنْتُ خَوَيلِدٍ، وَفَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ" (١).