١ - فإذا جاءت مُطْلَقَة، فهي بمعنى كَمُلَ؛ كما في قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى﴾ أي: كَمُلَ.
٢ - وإذا قُيِّدَت بـ (إلى) فهي بمعنى القَصْدِ التَّامِّ؛ كما في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ﴾ وفي هذه الآية قولٌ ثانٍ: أنَّ استوى بمعنى علا: (ثم علا إليها) لكنْ هذا كغيره من الصِّفاتِ التي لا تُعْلَمُ كيفيَّتُها.
٣ - مُقَيَّدة بـ (على) وتكون بمعنى العُلُوِّ والإسْتِقْرارِ؛ كما في قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى: ﴿فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ﴾ وفي قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى: ﴿لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ﴾ أي: لِتَعْلُوا على ظُهُوره وتَسْتَقِرُّوا، ولم تأتِ بغيرِ هذا المعنى أبدًا في اللُّغَةِ العربيَّةِ، فإذا قُيِّدَتْ بـ (على) لا تأتي إلا بهذا المعنى، ولا تكون بغيره أبدًا.
٤ - مُقَيَّدَة بواوِ المعيَّة فتكون بمعنى تساوَى، فاستوى بمعنى تساوَى؛ كقولهم: "استوى الماءُ والخَشَبَةَ" يعني: استوى الماءُ مع الخَشَبَةِ؛ صارا سِيَّانِ.
المُهِمُّ هنا: هو ﴿اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ لا تأتي بصورة غير هذا المعنى إطلاقًا، وقد جاءت في القرآن الكريمِ في سَبْعَةِ مواضِعَ، ما فيها موضِعٌ واحدٌ اختَلَفَ فيه التَّعْبيرُ عن هذا؛ إلا: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه: ٥] وما أشبه ذلك فهو عند أهل السُّنَّة والجماعَةِ بمعنى (علا على العَرْش واسْتَقَرَّ عليه)، ورُوِيَ عنهم (ارْتَفَع) ورُوِيَ عنهم (صَعِدَ وارْتَفَع) و (صَعِدَ) و (علا) معناهما متقارِبٌ؛ ولهذا اخْتَرْنا أن نقول بمعنى (علا واسْتَقَرَّ)، أما (ارتفع) و (صَعِدَ) فهو مقابِلٌ لـ (علا).
وهذا الإستواءُ استواءٌ بمعنى العُلُوِّ والإسْتِقْرار، وقد يَرِدُ عليكم سؤالٌ، ويُقال: أَلَسْتُم تقولون إنَّ عُلَوَّ الله عَزَّ وَجَلَّ بذاتِهِ صِفَةٌ ذاتِيَّةٌ أزلِيَّةٌ أَبَدِيَّةٌ؟