هل هذا الكلام يدلُّ على أنه على مَذْهَبِ السَّلَفِ في صِفَة الإستواءِ، أو على مذهب الخَلَفِ؟ لأن الخَلَف يقولون: الإستواءُ الذي يليقُ به: الإستيلاءُ، هذا الذي يليقُ عندهم! والسَّلَفُ يقولون: الإستواءُ الذي يليق به: العُلُوُّ على الوَجْهِ الذي يليق بالله.
قوله تعالى: ﴿مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ﴾: ﴿مَا لَكُمْ﴾: ﴿مَا﴾ نافِيَة، والخطابُ في قوله تعالى: ﴿لَكُمْ﴾ قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [يا كُفَّارَ مكَّةَ] والصوابُ العُمُوم؛ يعني: ما لكم أيُّها المخاطَبُون، وَيشْمَلُ كفَّارَ مكَّة وغَيْرَهم.
وقوله تعالى: ﴿مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ﴾ الدُّونُ بمعنى سِوَى؛ يعني: ما لكم مِنْ سِوَاه؛ ولهذا قال المُفَسِّر [مِنْ غَيْرِه].
وقوله رَحِمَهُ اللهُ: [﴿مِنْ وَلِيٍّ﴾ اسْمُ (ما) بِزيادَةِ مِنْ] وزيادَتُها هنا مِن أجْلِ التَّوْكيد والتَّنْصيصِ على العموم، ولكن قوله (اسْمُ ما) خطأٌ؛ قال ابنُ مالِكٍ رَحِمَهُ الله:
.................................. مَعَ بَقَا النَّفْيِ وَتَرْتيبٍ زُكِنْ (١)
فلا بدَّ في (ما) أن تكون مُرَتَّبَة؛ يعني: الإسْمُ قبل الخبر، فإن لم تكن كذلك فإنَّها لا تَعْمَلُ؛ لأنها ما تعملُ إلا على لُغَةِ الحِجازِيِّينَ بالشُّروطِ التي ذَكَر ابنُ مالِكٍ رَحِمَهُ اللهُ، فيكون قولُ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [اسمُ (ما)] قد يكون سَقْطَةَ قَلَمٍ أو سهوًا، فإنَّ (ما) هنا غيرُ عامِلَةٍ، وهنا (ما) نافية فقط، وسبب بُطلانِ عَمَلِها عَدَمُ التَّرْتِيب.
وخبر المبتدأ إذن: قَوْلُه: (لكم): ﴿مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ﴾ يقول: [أي ناصِرٌ] ولا شفيعٌ، فَسَّر الوليَّ هنا بالنَّاصِر، وقد اعترضوا عليه؛ لأن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يقول

(١) الألفية (ص: ٢٠).


الصفحة التالية
Icon