وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ﴾ أي: إلى الله، يَعْرُج بمعنى يَصْعَد؛ لكنَّ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ فسَّر الآية بأنَّه يدَبِّرُه من السَّماء إلى الأرض في الدُّنيا، ثم يَعْرُجُ إليه في الآخِرَة، وجعل العُرُوج بمعنى الرُّجوع، ولا شَكَّ أن هذا تحريفٌ؛ لأنَّ العُرُوجَ غيرُ الرُّجُوع، فمعنى العُرُوج الصُّعودُ: يَصْعَد إليه، وليس بمعنى أنه يَرْجِعُ إليه في يوم القيامة حتى يُثِيبَ عليه أو يُعاقِبَ.
فالمُفَسِّر رَحِمَهُ الله جعل: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ﴾ في كل مُدَّةِ الدُّنيا، تدبيرٌ: أَمْرٌ ينزل من السَّماء إلى الأرض.
أمَّا العُرُوج فيكون يومَ القيامَةِ، وفسَّرَه بالرُّجُوع، على رأي المُفَسِّر يكون في يومٍ كان مقدارُهُ ألفَ سَنَةٍ ممَّا تَعُدُّون؛ يخالف ما ذكره الله تعالى في سورة سأل؛ لأنَّه في سورة سأل قال: ﴿خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ [المعارج: ٤].
أجاب المُفَسِّر بما يقتضي أنه يختلف باختلافِ التَّقْديرِ، فيكون على قومٍ بمقدارِ خمسينَ ألفَ سَنَةٍ، وعلى قوم بمقدار ألفِ سَنَةٍ، وعلى آخرينَ بمقدارِ أداءِ الفريضَةِ كما قال: [وَأَمَّا المُؤْمِن فَيَكُونُ أَخَفَّ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ يُصَلِّيهَا فِي الدُّنْيَا كَمَا جَاءَ في الحديثِ (١)].
إِذَن: خلاصة رأي المُفَسِّر رَحِمَهُ الله: أنَّ تدبيرَ الأَمْرِ من السَّماء إلى الأرض بالدُّنيا من أوَّلهِا إلى آخِرِها، وأنَّ العُرُوجَ إلى الله عَزَّ وَجَلَّ بهذا الأَمْرِ في الآخرة، وفسَّرَ العُرُوجَ بالرُّجُوعِ، فرارًا من إثباتِ العُلُوِّ الذاتيِّ.
ويبقى على المُفَسِّر رَحِمَهُ الله إشْكالٌ: وهو أنَّنا إذا جعلنا الرُّجوعَ في يوم القيامة،