وكما قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١١٤] وكما قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا﴾ [الشمس: ١٣] فهذه الإضافَةُ على سبيلِ التَّشْريفِ والتَّعْظيمِ لهذا الشَّيْء.
وقوله رَحِمَهُ اللهُ: [﴿وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ﴾ أَيْ: جَعَلَهُ حَيًّا حَسَّاسًا بَعْد أَنْ كَانَ جَمَادًا].
قوله تعالى: ﴿وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ﴾: ﴿وَجَعَلَ لَكُمُ﴾ هذا الْتِفاتٌ من الغَيْبة إلى الخطابِ؛ فإنَّه بدأ خَلْقَ الإنسانِ من طينٍ، ثم جعل نَسْلَه، كلُّ هذا غَيْبَةٌ، ثم سوَّاه: غَيْبة، ونَفَخ فيه من روحه: هذا غَيْبَة؛ ثم قال: ﴿وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ﴾ هذا خِطابٌ.
والإلتفاتُ له فوائِدُ:
الفائِدةُ الأُولَى: تنبيهُ المُخاطَب؛ لأنَّ الكلامَ إذا كان على وتيرة واحِدَة؛ ما حَصَل تَنَقُّلٌ، لكن إذا اختلف يَحْصُلُ التنقُّلُ سواء اختلف بعَوْدِ الضَّمائِرِ؛ كالإنتقالِ من الغَيْبَة إلى الخطاب أو بالعَكْس، أو اخْتَلَف في شِدَّةِ الصَّوْت، فعندما يكون الإنسانُ كلامُه هادئًا على وَتيرَةٍ واحِدَةٍ لا يكون هناك انْتِباهٌ، لكن لو أتى بِزَجْرٍ في بعض الأَحْيانِ يَحْصُل الإنتباهُ؛ فالإلتفاتُ أو تغيُّر الخطابِ؛ كُلُّه يَحْصُلُ به الإنْتِباهُ.
والفائِدَة الثانِيَة: تكونُ حَسَبَ السِّيَاق؛ إمَّا مثلًا الزيادَةُ في التَّوبيخِ، أو الزِّيادَة في بيان النِّعْمَةِ، وما أشبه ذلك حَسَبَ السِّياقِ.
وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ﴾ قال رَحِمَهُ اللهُ: [﴿لَكُمُ﴾ أي: لِذُرِّيَّتِه]، فالخطابُ لا شكَّ أنه للذُّرِّيَّة كما قال المُفَسِّر.
وقوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿السَّمْعَ﴾ قال المُفَسِّر [بمعنى الأَسْماعِ] وأوَّلَها إلى الأَسْماعِ؛