هذا تقريع وتوبيخ، ومعنى قوله تعالى: ﴿وتنسون أنفسكم﴾ تتركون كما قال تعالى ﴿نسوا الله فنسيهم﴾ [التوبة: ٦٧] واختلف في معناها. فقال ابن جريج: كانت الأخبار يحضون الناس على طاعة الله ويواقعون المعاصي. وقال غيره: كاوا يحضون الناس على الصدقة ولا يتصدقون. وقيل: كانوا إذا استرشدهم أحد من العرب في اتباع محمد ﷺ دلوه على ذلك ولا يفعلونه هم. وقال ابن عباس: كانوا يأمرون أتباعهم باتباع التواراة، ويخالفونها في جحدهم منها صفة النبي صلى الله عليه وسلم. وفي هذه الآية حجة لمن يرى من المعتزلة أن من كان على معصية فليس له أن يحتسب فر رفع المعاصي والحق أن له أن يحتسب والمستند في ذلك الإجماع، والآية إنما وردت على التمام والكمال وما هو الأكمل والأفضل والمندوب إليه.
(٤٧) - وقوله تعالى: ﴿يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين﴾ [البقرة: ٤٧].
في هذه الآية دليل على أن العموم قد يرد والمراد به الخصوص لقوله تعالى: ﴿وأني فضلتكم على العالمين﴾ لقوله لأمة محمد صلى الله عليه وسلم: ﴿كنتم خير أمة أخرجت للناس﴾ [آل عمران: ٧] ولذلك قال المفسرون: ﴿وأني فضلتكم على العالمين﴾ عالمي زمانهم. ويحتمل أن يجعل فيلة بني إسرائيل مخصوصة في كثرة الأنبياء ونحو ذلك فيكون تفضيلهم على العالمين بإطلاق ولا يختص بعالمي زمانهم.


الصفحة التالية
Icon