الوصول إلى البيت راجلًا أو راكبًا مع السبيل الآمنة المسلوكة فهو مستطيع، وإلى هذا ذهب مالك في المشهور عنه وغيره. وزعم قوم: أن الاستطاعة الزاد والراحلة، وبه قال أبو حنيفة والشافعي والثوري وغيرهم. وروي نحوه عن مالك، وحجة قول مالك المشهور عنه قوله تعالى: ﴿من استطاع إليه سيبلًا﴾، وإذا كانت الحال التي ذكرنا فالاستطاعة موجودة، وقوله تعالى: ﴿يأتوك رجالًا﴾ الآية [الحج: ٢٧].
ومن حجة أهل القول الثاني ما وري عن النبي ﷺ من قوله: ((السبيل: الزاد والراحلة))، وهذا الحديث أحد رواته ابن معين وغيره، مع أن التأويل يدخله دخولًا حسنًا.
واختلف في الحج مع لزوم الغرامة، فمنع من ذلك بعض أصحاب مالك جملة، ورأى أن فرض الحج قد سقط بذلك. وذهب أكثرهم إلى أن الغرامة الكثيرة تسقط الفرض واليسيرة لا تسقطه، وهذا القول أظهر؛ لأن الاستطاعة مع هذا موجودة إذا كان ما يغرمه لا يشق عليه وجوده، فهو ممن أوجب الله تعالى الحج عليه بقوله: ﴿ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلًا﴾ الآية.


الصفحة التالية
Icon