وذهب قوم إلى أن المراد من ذبائحهم بلفظ الطعام ما حل لهم خاصة، وأما ما حرم عليهم بأي وجه كان فلا يجوز لنا وهذا هو المشهور من مذهب ابن القاسم. وذهب قوم إلى المراد بلفظ: ﴿الطعام﴾ ذبائحهم جميعًا إلا ما حرم الله تعالى عليهم خاصة لا ما حرموه على أنفسهم، وإلى نحو هذا ذهب أشهب. والحجة للقول الأول ظاهر الآية وهو العموم، والذين قالوا أنه لا يجوز لنا أكل ما لا يجوز لهم أكله اختلفوا هل ذلك على جهة المنع أو الكراهة؟ فمن قوى عنده تخصيص الآية منع، ومن تعارض عنده التأويلان جميعًا ذكره، فيأتي على هذا فيما فسد عندهم لحال الريبة ثلاثة أقوال: الجواز والكراهة والمنع. ويأتي أيضًا في الشحوم وفي أكل ما ذبحوه من كل ذي ظفر كالبعير ونحوه ثلاثة أقوال أيضًا: الكراهة، والجواز، والمنع. وهذا الخلاف كله موجود في المذهب.
واختلف أيضًا فيما ذبحوه لأعيادهم وكنائسهم أو سموا عليه اسم المسيح هل هو داخل تحت الإباحة؛ لقوله تعالى: ﴿وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم﴾ أم لا؟ فذهب أشهب إلى أن الآية متضمنة تحليله وأن أكله جائز، وكرهه مالك وتأول قوله تعالى: ﴿أو فسقًا أهل لغير الله به﴾ [الأنعام: ١٤٥]، على ذلك. ومنع غيره في المذهب من أكله تأول قوله